للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنفسه آخر كتابه «الإحاطة» فقال: يقول مؤلّف هذا الديوان، تغمد الله خطله في ساعات أضاعها وشهوة من شهوات اللّسان أطاعها، وأوقات للاشتغال بما لا يعنيه استبدل بها اللهو لمّا باعها-: أما بعد حمد الله الذي يغفر الخطيّة، ويحثّ من النّفس اللّجوج المطيّة، فيحرك [١] ركابها البطيّة، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد ميسّر سبل الخير الوطية، والرضى عن آله وصحبه منتهى الفضل [٢] ومناخ الطّيّة. فإنني لما فرغت من تأليف هذا الكتاب الذي حمل عليه [٣] فضل النشاط، مع الالتزام لمراعات السياسة السلطانية والارتباط، والتفتّ إليه، فراقني منه صوان درر، ومطلع غرر، قد تخلّدت مآثرهم بعد ذهاب أعيانهم، وانتشرت مفاخرهم بعد انطواء زمانهم، نافستهم في اقتحام تلك الأبواب، ولباس تلك الأثواب، وقنعت باجتماع الشّمل بهم، ولو في الكتاب. وحرصت على أن أنال منهم قربا، وأخذت [من] أعقابهم أدبا وحبّا. وكما قيل ساقي القوم آخرهم شربا. فأجريت نفسي مجراهم في التعريف، وحذوت بها حذوهم في بابي النّسب والتصريف، بقصد التشريف. والله لا يعدمني وإيّاهم واقفا يترحّم، وركاب الاستغفار بمنكبه يزحم، عند ما ارتفعت وظائف الأعمال، وانقطعت من التّكسّبات حبال الآمال، ولم يبق إلّا رحمة الله، التي تنتاش النّفوس وتخلّصها، وتعينها بميسم السّعادة وتخصصها. جعلنا الله ممن حسن ذكره ووقف على التماس ما لديه فكره [٤] بمنه.

ثم ساق نسبه وأوّليته بما يطول ذكره، إلى أن قال: ومع ذلك فلم أعدم الاستهداف للشّرور، والاستعراض للمحذور، والنّظر الشّزر، المنبعث من خزر العيون، شيمة من ابتلاه الله بسياسة الدّهماء، ورعاية [٥] سخطة أرزاق السماء، وقتلة الأنبياء، وعبدة الأهواء، ممّن لا يجعل الله إرادة نافذة، ولا مشيئة


[١] في «آ» و «ط» : «فتحرك» وما أثبته من «الإحاطة» مصدر المؤلّف.
[٢] في «الإحاطة» : «منتهى القصد» .
[٣] لفظة «عليه» سقطت من «ط» .
[٤] في «الإحاطة» : «ومع ذلك فقد عادت هيف إلى أديانها، من الاستهداف للشرور» .
[٥] تحرفت في «ط» إلى «ودعاية» .

<<  <  ج: ص:  >  >>