للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سابقة [١] ، ولا يقبل معذرة، ولا يجمل في الطلب، ولا يتجمّل [٢] مع الله بأدب، ربنا لا تسلّط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا. والحال إلى هذا العهد، وهو منتصف عام خمسة وستين وسبعمائة [٣] .

ثم قال المقري: وكان رحمه الله مبتلى بداء الأرق لا ينام من الليل إلّا اليسير جدا. وقد قال في كتابه «الوصول لحفظ الصحة في الفصول» : العجب مني مع تأليفي لهذا الكتاب الذي لم يؤلّف مثله في الطبّ، ومع ذلك لا أقدر على داء الأرق الذي بي، ولذا يقال له ذو العمرين، لأن الناس ينامون وهو ساهر.

ومؤلفاته ما كان يصنّف غالبها إلّا بالليل. وقد سمعت بعض الرؤساء بالمغرب يقول: لسان الدّين ذو الوزارتين، وذو العمرين، وذو الميتتين، وذو القبرين.

ثم قال المقري: واعلم أن لسان الدّين لما كانت الأيام له مسالمة لم يقدر أحد أن يواجهه بما يدنّس معاليه، أو يطمس معالمه. فلما قلبت الأيام له ظهر مجنّها وعاملته بمنعها بعد منحها ومنّها، أكثر أعداؤه في شأنه الكلام، ونسبوه إلى الزّندقة والانحلال من ربقة الإسلام بتنقّص النّبيّ عليه أفضل الصلاة والسلام، والقول بالحلول والاتحاد، والانخراط في سلك أهل الإلحاد، وسلوك مذاهب الفلاسفة في الاعتقاد، وغير ذلك مما أثاره الحقد والعداوة والانتقاد، من مقالات نسبوها إليه خارجة عن السّنن السوي، وكلمات كدّروا بها منهل علمه الرّوي، لا يدين بها ويفوه إلا الضلال [٤] والغوي، والظنّ أن مقامه- رحمه الله تعالى- من لبسها بريء، وجنابه- سامحه الله- عن لبسها عري. وكان الذي تولى كبر محنته وقتله تلميذه أبو عبد الله بن زمرك [٥] ،................


[١] في «الإحاطة» : «سابغة» وهو تحريف.
[٢] في «الإحاطة» : «ولا يتلبس» .
[٣] في «الإحاطة» : «وهو أول عام أحد وسبعين وسبعمائة» وعلق محققه على ذلك بقوله: هكذا ورد هذا التاريخ في الإسكوريال وورد في «النفح» كالآتي: «وهو منتصف عام واحد وسبعين وسبعمائة» .
[٤] تحرفت في «ط» إلى «الضال» .
[٥] هو محمد بن يوسف بن محمد الصّريحي، أبو عبد الله، المعروف بابن زمرك. وزير من كبار الشعراء والكتّاب في الأندلس. سعى في أستاذه لسان الدّين ابن الخطيب حتى قتل خنقا. وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>