للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه جدا، وقد سئل في مرض موته أن ينزل عن بعض وظائفه لبعض من يحبّه من رفقته، فقال لا أتقيّد بها حيّا وميتا.

وتوفي في رجب وله ثلاث وخمسون سنة.

وفيها ولي الدّين أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن جابر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الرحيم الحضرمي الإشبيلي المالكي، المعروف بابن خلدون [١] .

ولد يوم الأربعاء أول شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة بمدينة تونس، ونشأ بها، وطلب العلم، وسمع من الوادي آشي وغيره، وقرأ القرآن على عبد الله بن سعد بن نزال إفرادا وجمعا، وأخذ العربية عن أبيه، وأبي عبد الله السّائري وغيرهما، وأخذ الفقه عن قاضي الجماعة ابن عبد السلام وغيره، وأخذ عن عبد المهيمن الحضرمي، ومحمد بن إبراهيم الإربلي شيخ المعقول بالمغرب، وبرع في العلوم، وتقدم في الفنون، ومهر في الأدب والكتابة، وولي كتابة السّرّ بمدينة فاس لأبي عنان، ولأخيه أبي سالم، ورحل إلى غرناطة في الرسيلة سنة تسع وستين، وكان ولي بتونس كتابة العلّامة ثم ولي الكتابة بفاس، ثم اعتقل سنة ثمان وخمسين نحو عامين، ودخل بجاية، فراسله صاحبها فدبّر أموره، ثم رحل بعد أن مات إلى تلمسان باستدعاء صاحبها فلم يقم بها، ثم استدعاه عبد العزيز بفاس، فمات قبل قدومه فقبض عليه، ثم خلص فسار إلى مراكش، وتنقلت به الأحوال إلى أن رجع إلى تونس سنة ثمانين فأكرمه سلطانها، فسعوا به عند السلطان إلى أن وجد غفلة ففرّ إلى الشرق، وذلك في شعبان سنة أربع وثمانين، ثم ولي قضاء المالكية بالقاهرة، ثم عزل، وولي مشيخة البيبرسية، ثم عزل عنها، ثم ولي القضاء مرارا آخرها في رمضان من هذه السنة فباشره ثمانية أيام فأدركه أجله، وكان ممن رافق العسكر إلى تمرلنك، وهو مفصول عن القضاء، واجتمع بتمرلنك،


[١] ترجمته في «الإحاطة» (٣/ ٤٩٧- ٥١٦) و «إنباء الغمر» (٥/ ٣٢٧) و «الضوء اللامع» (٤/ ١٤٥) و «نيل الابتهاج» ص (١٦٩) و «حسن المحاضرة» (١/ ٤٦٢) و «الأعلام» (٣/ ٣٣٠) و «معجم المؤلفين» (٥/ ١٨٨- ١٩١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>