للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولولا أني كنت أشاهد جوارحه في كل وقت لقلت: إنه شيطان، خرج إلى الناس في زي إنسان. أفردت ترجمة تشتمل على عجائبه في نحو كرّاسة.

مات- رحمه الله وأرضى عنه خصومه- يوم الاثنين بعد الفجر تاسع عشر ذي الحجّة من جمرة طلعت بين كتفيه، وصلّى عليه بعد الظهر بالمسجد الأقصى، وحمل إلى تربة ماملا فدفن إلى جوار شيخنا العلّامة أحد الزّهّاد عمر البلخي، رحمه الله تعالى. انتهى بحروفه.

وفيها علاء الدّين أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن علي بن إسحاق بن سلام بن عبد الوهاب بن الحسن بن سلام الدمشقي الشافعي [١] .

ولد سنة خمس أو ست وخمسين وسبعمائة، وحفظ القرآن، و «التنبيه» و «الألفية» و «مختصر ابن الحاجب» . وتفقه على علاء الدّين بن حجي، وابن قاضي شهبة، وغيرهما. وأخذ الأصول عن الضّياء القرمي، وارتحل إلى القاهرة، فقرأ «المختصر» على الركراكي، وكان يطريه، حتّى كان يقول يعرفه أكثر من مصنّفه، فاشتهر وتميّز ومهر، وأصيب في الفتنة الكبرى بماله وفي يده بالحرق وأسروه، فسار معهم إلى ماردين، ثم انفلت منهم، وقرّره ابن حجي في الظّاهرية البرّانية، ونزل له التّاج الزّهري عن العذراوية، ودرّس بالرّكنية، وكان يقرئ في الفقه و «المختصر» إقراء حسنا، وله يد في الأدب والنّظم والنثر، وكان بحثه أقوى من تقريره، وكان مقتصدا في ملبسه وغيره، شريف النّفس، حسن المحاضرة، ينسب إلى نصرة مقالة ابن العربي، وكان يطلق لسانه في جماعة من الكبار، واتفق أنه حجّ في هذه السنة، فلما ردّ من الحجّ والزيارة مات في وادي بني سالم في أواخر ذي الحجّة، وحمل إلى المدينة فدفن بالبقيع وقد شاخ.

وفيها سراج الدّين أبو حفص عمر بن علي بن فارس المصري الحنفي،


[١] ترجمته في «إنباء الغمر» (٨/ ١١٤) و «الضوء اللامع» (٥/ ٢٥١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>