قال النّعيمي، وهو آخر من سمع «صحيح مسلم» كاملا على الحافظ شمس الدّين بن ناصر الدّين في سنة ست وثلاثين، وتوفي في هذه السنة.
وفيها كمال الدّين أبو المعالي محمد بن الأمير ناصر الدّين محمد بن أبي بكر بن علي بن أبي شريف المقدسي الشافعي المرّي سبط الشّهاب العميري المالكي، الشهير بابن عوجان [١] ، الشيخ الإمام، شيخ الإسلام، ملك العلماء الأعلام.
ولد ليلة السبت خامس ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة بالقدس الشريف، ونشأ بها، وحفظ القرآن العظيم، و «الشاطبية» و «المنهاج الفقهي» وعرضهما على ابن حجر العسقلاني، والمحب بن نصر الله الحنبلي، والسعد الدّيري، والعزّ المقدسي في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، ثم حفظ «ألفية بن مالك» و «ألفية الحديث» وقرأ القرآن بالروايات على أبي القاسم النّويري. وسمع عليه، وقرأ عليه في العربية، والأصول، والمنطق، والعروض، واصطلاح أهل الحديث، وأذن له بالتدريس فيها، وتفقه على العلّامة زين الدّين ماهر، والعماد بن شرف، وحضر عند الشّهاب بن أرسلان، والعزّ القدسي. ورحل إلى القاهرة سنة أربع وأربعين وأخذ عن علمائها، منهم ابن حجر. وكتب له إجازة وصفه فيها بالفاضل البارع الأوحد، والشمس القاياتي، والعزّ البغدادي، وغيرهم، وسمع الحديث على ابن حجر، والزّين الزّركشي الحنبلي، والعزّ بن الفرات الحنفي، وغيرهم.
وحجّ، فسمع بالمدينة المنورة على المحبّ الطبري، وغيره وبمكة على أبي الفتح المراغي، وغيره، ودرّس، وأفتى، وأشير إليه. ثم توجه في سنة إحدى وثمانين إلى القاهرة واستوطنها، وانتفع به أهلها، وارتفعت كلمته، وعظمت هيبته، ثم عاد إلى بيت المقدس وتولى بها عدة مدارس، وقد استوفى ترجمته تلميذه صاحب «الأنس الجليل» فيه.
[١] ترجمته في «الكواكب السائرة» (١/ ١١) و «الأعلام» (٧/ ٥٢) .