للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسوح زمانا، وينال من الله أمانا فاستوص به خيرا، واصبر عليه، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا.

فلما وضعته أمه كان الأمر كما قال الشيخ عبد الرحمن، فصنع والده وليمة بعد تمام أربعين يوما من ولادته، ودعا الشيخ عبد الرحمن وجماعة من الفقراء والصالحين وأضافهم، فلما رفعوا السّماط حمله أبوه ووضعه بين أيديهم، فأخذه الشيخ عبد الرحمن وحنّكه بتمرة مضغها وعصرها في فيه، ثم طلب شيئا من العسل، فأحضر له فلعق الشيخ ثلاث لعقات، ثم ألعق المولود ثلاثا، ثم وضعه بين يدي الفقراء وأمرهم فلعقوا منه ثم قرأ الفاتحة سبع مرات، ثم قال لوالده ارفع هذا لأمه لا يشاركها [١] فيه أحد ولا تخش على الولد المبارك، فوالله إني لأرى روحه تجول حول العرش. ثم خرج من ساعته، وكان والد الشيخ أبي الفتح يقول:

ما بات إلا بشبريس. ذكر ذلك صاحب الترجمة في كتابه المسمى ب «الحجة الراجحة» قال: ثم إني رأيته- يعني الشيخ عبد الرحمن- بعد مدة، فلما أقبلت عليه قبّل بين عيني، ونظر بعين [٢] لطفه [٣] إليّ ثم لقنني الذكر، وأخذ عليّ العهد، ثم قال: عش في أمان الله مؤيدا بالله هائما بالله فانيا عما سواه باقيا به أنت إمام زمانك، وفريد أوانك مقدما على أقرانك، مباركا على أحوالك رعاك الله حفظك الله آواك الله فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ الله من فَضْلِهِ ٣: ١٧٠ [آل عمران: ١٧٠] . قال: ثم ألبسني الخرقة الشريفة، ثم قال: أيامنا انقضت وساعاتنا انقرضت. قال: فلما تم لي سبع سنين لبستها من يد الشيخ الإمام الورع العارف أبي الحسن الدّمنهوري الصّوفي، ومن يد الشيخ أبي إسحاق إبراهيم الأتكاوي بلباسهما من الشّبريسي، ثم نشأ الشيخ أبو الفتح، وطلب العلم والحديث، وتفقه بجماعة أولهم جدّه لأبيه القاضي نور الدّين أبو الحسن علي، وسمع الحديث على ابن حجر، والتّقي الرّسام، وعائشة بنت عبد الهادي، ومريم بنت أحمد الأذرعي، والعزّ بن الفرات الحنفي، وغيرهم.


[١] في «أ» : «لا يشاركه» .
[٢] ليست اللفظة في «أ» .
[٣] في أ «بلطفه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>