للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جانب يمينه، وكان يقول: إن السيد أحمد البخاري صلّى بنا الفجر بوضوء العشاء ست سنين.

وسئل السيد أحمد عن نومه في تلك المدة. قال: كنت آخذ بغلة الشيخ وحماره في صبيحة كل يوم وأصعد الجبل لنقل الحطب إلى مطبخ الشيخ، وكنت أرسلهما ليرتعا في الجبل واستند إلى جبل [١] وأنام ساعة، وذهب بإذن شيخه إلى الحجاز على التجريد والتوكل، وأعطاه الشيخ حمارا وعشرة دراهم، وأخذ من سفرة الشيخ خبزة واحدة، ولم يصحب سوى ذلك إلا مصحفا ونسخة من «المثنوي» فسرق المصحف، وباع «المثنوي» بمائة درهم، وكان مع ذلك على حسن حال وسعة نفقة. وجاور بمكّة المشرّفة قريبا من سنة، ونذر أن يطوف بالكعبة كل يوم سبعا ويسعى بين المروتين سبعا، وكان كل ليلة يطوف تارة ويجتهد أخرى، وتارة يستريح، ولا ينام ساعة مع ضعف بنيته، وزار القدس الشريف وسكنه مدة، ثم رجع إلى شيخه وخدمته ببلدة سيما، ثم وقع في نفسه زيارة مشايخ القسطنطينية فاستأذن من شيخه فأذن له، فذهب إليها، ثم كتب إلى شيخه يرغبه في سكناها، فرحل إليه شيخه، ثم لما مات شيخه كان خليفته في مقامه ورغب الناس في خدمته حتّى تركوا المناصب واختاروا خدمته، وكان على مجلسه الهيبة والوقار، وكان له أشراف على الخواطر، ولا يجري في مجلسه ذكر الدنيا أصلا، وكانت طريقته الأخذ بالعزيمة، والعمل بالسّنّة، والتجنب عن البدعة، والعزلة، والجوع، والصّمت، وإحياء الليل، وصوم النهار، والمحافظة على الذكر الخفي.

وتوفي بقسطنطينية ودفن عند مسجده وقبره يزار ويتبرّك به، قيل: ولما وضع في قبره توجه هو بنفسه إلى القبلة وصلى على النّبيّ صلّى الله عليه وسلم. انتهى وفيها أحمد الزواوي [٢] ، الشيخ الصّالح العابد.

أخذ الطريق عن الشيخ شعبان البلقطري، وكان ورده في اليوم والليلة عشرين ألف تسبيحة وأربعين ألف صلاة على النّبيّ صلّى الله عليه وسلم.

قال المناوي في «طبقات الأولياء» : كان عابدا، زاهدا، جزل الألفاظ،


[١] في «أ» : (شجرة) .
[٢] ترجمته في «الكواكب السائرة» (١/ ١٥٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>