للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحت القلعة، والمنتزه العجيب بالملقة، وأنشأ مجرى الماء من مصر إلى القلعة، وعمر بعض أبراج الإسكندرية، وغير ذلك من جوامع وقصور ومنتزهات، إلا أنه كان شديد الطّمع، كثير الظّلم والعسف، مصادرا للناس في أخذ أموالهم، وبطل الميراث في أيامه بحيث كان إذا مات أحد أخذ ماله جميعا. كذا قال القطبي، فجمع أموالا عظيمة وخزائن وأمتعة، وافتتح اليمن، واتخذ مماليك لنفسه، فصاروا يظلمون الناس، وأظهروا الفساد وأضروا العباد وهو يغضي عنهم ويحكى أن بعض مماليكه اشترى متاعا ولم يرض صاحبه بقيمته، فقال له: شرع الله، فضربه بالدبوس فشج رأسه، وقال: هذا شرع الله فسقط مغشيا عليه، وذهب بالمتاع ولم يقدر أحد يتكلم، فرفع بعض الصّالحين يديه ودعا على الجندي وعلى سلطانه بالزوال، ثم قالت له نفسه: كيف يزول ملك هذا السلطان العظيم الذي ملأت جنوده وسطوته الأرض فلم يمض إلا قليل، ثم وقعت فتنة [١] بينه وبين السلطان سليم ملك الرّوم بسبب إسماعيل شاه، فقصد كل منهما الآخر في عسكرين عظيمين، فالتقيا بموضع يسمّى مرج دابق شمالي حلب بمرحلة، خامس عشري رجب، فانهزم عسكر الغوري بمكيدة خير بك والغزّالي من جماعته، وفقد الغوري تحت سنابك الخيل في مرج دابق، وأقام السلطان سليم بعد الوقعة في بلاد الشام أشهرا، وأمر بعمارة قبر الشيخ محيي الدّين بن عربي بصالحية دمشق.

ثم تولى في تلك المدة بمصر الملك الأشرف طومان باي الجركسي ابن أخي الغوري، ووقع بينه وبين السلطان سليم حروب يطول ذكرها، ثم سلّم نفسه طائعا فقتل بباب زويلة، وأمر السلطان سليم بدفنه بجانب مدفن الغوري المشهور.

وبه انقرضت دولة الجراكسة.

وفي آخر أيام الغوري في حدود العشرين ظهرت الفرنج البرتقال [٢] على بنادر [٣] الهند استطرقوا إليها من بحر الظلمات من وراء جبال القمر منابع النيل، فعاثوا في أرض الهند، ووصل أذاهم وفسادهم إلى جزيرة العرب وبنادر اليمن


[١] ليست اللفظة في «ط» .
[٢] قلت: ويعرفون الآن بالبرتغال.
[٣] في «أ» : (البرتقان على بندار) .

<<  <  ج: ص:  >  >>