للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان من أعيان المباشرين بمصر، وكان ذا ثروة ووجاهة زائدة، حتّى هابه بنو الجيعان وغيرهم من أرباب الديوان، وكان قد عرض بعض الكتب في حياة والده على الشّرف المناوي، والجلال البكري، والمحبّ بن الشّحنة والسّراج العبادي، وغيرهم، وكان ملازما للشيخ محمد البكري النازل بالحسينية، وله فيه اعتقاد زائد، ولما دخل السلطان سليم مصر وتطلب الجراكسة ببيوت مصر وجهاتها خشي القاضي بدر الدّين على نفسه وعياله، فحسن عنده أن يتوجه بهم إلى مصر القديمة عند صهره نور الدّين البكري فأنزلهم في الشختور [ثم أتى مسرعا لينزل معهم فوضع قدمه على حافة الشختور] [١] فاختلت به فسقط في النيل، فغرق، فاضطربوا لغرقه فانحدر الشختور إلى الوطاق العثماني فظنوا أنهم من الجراكسة المتشبهين بالنساء، فأحاطوا بهم وسلبوهم ما معهم بعد التّفتيش فبينما هم كذلك إذ أتى زوجه القاضي بدر الدّين المخاض فرحمها شخص بقرب قنطرة قيدار فوضعت ولدا ذكرا في منزله، وكان القاضي بدر الدّين يتمنى ذلك وينذر عليه النّذور فلم يحصل إلّا على هذا الوجه وأحيط بماله وبما [٢] جمعه فاعتبروا يا أولي الأبصار، وكان ذلك في آخر هذه السنة.

وفيها محمد بن حسن، الشهير بابن عنان [٣] الشيخ العالم الصالح الناسك العارف بالله تعالى الشافعي الجامع بين علمي الشريعة والحقيقة.

قال المناوي في «طبقاته» إمام تقدم في جامع الإيمان، وعارف أشرقت بضوء شمسه الأكوان، كثير التعبد، غزير التهجد، وافر الجلالة عليه القبول أي دلالة عالي الرّتبة، لا يقاس به غيره، ولا يشبه عظيما في الديانة ممدودا من الله بالإعانة، سلك طريق الهداية، واعتنى بالتصوف أتمّ عناية، أخذ عنه الشعراوي، وقال: ما رأيت مثله، وكان مشايخ عصره بين يديه كالأطفال، وله كرامات منها أنه أشبع خمسمائة فقير من عجين أمه، وكان نصف [٤] ويبة ومنها أنه كان بالإسكندرية


[١] ما بين الرقمين سقط من «ط» .
[٢] في «آ» : «وما» .
[٣] ترجمته في «الكواكب السائرة» (١/ ٣٩- ٤٠) .
[٤] في «ط» : (وصف) وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>