بها وحفظ القرآن، و «عمدة الأحكام» وبعض «مختصر التبريزي» ثم تحول إلى القاهرة سنة إحدى وأربعين فقطن في جامع الأزهر وكمل. حفظ «المختصر» ثم «حفظ المنهاج» الفرعي و «الألفية النحوية» و «الشّاطبية» و «الرائية» وبعض «المنهاج الأصلي» ونحو النصف من «ألفية الحديث» ومن «التسهيل» إلى كاد، وأقام بالقاهرة يسيرا ثم رجع إلى بلده وداوم الاشتغال وجدّ فيه، وكان ممن أخذ عنه القاياتي والعلم البلقيني والشّرف السّبكي والشّموس الوفائي، والحجازي، والبدرشي، والشّهاب بن المجدي، والبدر النّسابة والزّين البوشنجي، والحافظ ابن حجر، والزّين رضوان في آخرين، وحضر دروس الشرف المناوي، وأخذ عن الكافيجي، وابن الهمام، ومن لا يحصى كثرة، ورجع إلى القاهرة فلم ينفك عن الاشتغال والإشغال مع الطريقة الجميلة والتواضع وحسن العشرة والأدب والعفّة والانجماع عن أبناء الدنيا، مع التقلل وشرف النّفس، ومزيد العقل وسعة الباطن والاحتمال والمداراة، وأذن له غير واحد من شيوخه في الإفتاء والإقراء، منهم شيخ الإسلام ابن حجر، وتصدى للتدريس في حياة شيوخه، وانتفع به الفضلاء طبقة بعد طبقة، وشرح عدة كتب وألّف ما لا يحصى كثرة، فلا نطيل بذكرها إذ هي أشهر من الشمس، وقصد بالفتاوى، وزاحم كثيرا من شيوخه فيها، ورويته أحسن من بديهته وكتابته أمتن من عبارته، وعدم مسارعته إلى الفتاوى يعد من حسناته، وله الباع الطويل في كلّ فنّ خصوصا التصوف وولي تدريس عدة مدارس إلى أن رقي إلى منصب قضاء القضاة بعد امتناع كثير وذلك في رجب سنة ست وثمانين واستمر قاضيا مدة ولاية الأشرف قايتباي ثم بعد ذلك إلى أن كفّ بصره فعزل بالعمى، ولم يزل ملازم التدريس والإفتاء والتصنيف وانتفع به خلائق لا يحصون، منهم ابن حجر الهيثمي. وقال في «معجم مشايخه» : وقدمت شيخنا زكريا لأنه أجلّ من وقع عليه بصري من العلماء العاملين والأئمة الوارثين وأعلى من عنه رويت ودريت من الفقهاء الحكماء المهندسين، فهو عمدة العلماء الأعلام وحجّة الله على الأنام، حامل لواء المذهب الشافعي على كاهله، ومحرّر مشكلاته، وكاشف عويصاته، في بكره وأصائله، ملحق الأحفاد بالأجداد، المتفرد في زمنه بعلو الإسناد كيف ولم يوجد في عصره إلّا من أخذ عنه مشافهة أبو بواسطة أو بوسائط