للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلطان سليم ملكا قهّارا وسلطانا جبّارا، قوي البطش، كثير السفك، شديد، التوجه إلى أهل النجدة والبأس، عظيم التجسس عن أخبار الناس، وربما غيّر لباسه وتجسس ليلا ونهارا. وكان شديد اليقظة والتحفظ، يحب مطالعة التواريخ وأخبار الملوك، وله نظم بالفارسي، والرّومية، والعربية، منه ما ذكره القطب الهندي المكّي أنه رآه بخطّه في الكوشك الذي بني له بروضة المقياس بمصر ونصه:

الملك لله من يظفر بنيل غنّى ... يردده قسرا ويضمن عنده الدّركا

لو كان لي أو لغيري قدر أنملة ... فوق التّراب لكان الأمر مشتركا

وقال الشيخ مرعي الحنبلي في كتابه «نزهة الناظرين» : وفي أيامه تزايد ظهور شأن إسماعيل شاه، واستولى على سائر ملوك العجم، وملك خراسان، وأذربيجان، وتبريز، وبغداد، وعراق العجم، وقهر ملوكهم، وقتل عساكرهم، بحيث قتل ما يزيد على ألف ألف [١] ، وكان عسكره يسجدون له ويأتمرون بأمره، وكاد يدّعي الرّبوبية، وقتل العلماء، وأحرق كتبهم ومصاحفهم، ونبش قبور المشايخ من أهل السّنّة وأخرج عظامهم [٢] وأحرقها، وكان إذا قتل أميرا أباح زوجته وأمواله لشخص آخر فلما بلغ السلطان سليم ذلك تحركت همّته لقتاله، وعدّ ذلك من أفضل الجهاد، فالتقى معه بقرب تبريز بعسكر جرّار، وكانت وقعة عظيمة، فانهزم جيش إسماعيل شاه، واستولى سليم على خيامه وسائر ما فيها، وأعطى الرّعية الأمان، ثم أراد الإقامة بالعجم للتمكن من الاستيلاء عليها فما أمكنه ذلك لشدة القحط، بحيث بيعت العليقة بمائتي درهم، والرّغيف بمائة درهم، وسببه تخلّف قوافل الميرة التي كان أعدّها السلطان سليم وما وجد في تبريز شيئا لأن إسماعيل شاه عند انهزامه أمر بإحراق أجران الحبّ والشعير، فاضطر سليم للعود إلى بلاد الرّوم.


[١] كذا في «ط» ونسختي «المنتخب» لابن شقدة: «على ألف ألف» وفي «آ» : «على مائة ألف ألف» .
[٢] في «ط» : «أعظامهم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>