للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي أيامه كانت وقعة [١] الغوري، وذلك أن السلطان [٢] سليم لما رجع من غزو إسماعيل شاه تفحص عن سبب انقطاع قوافل الميرة عنه، فأخبر أن سببه سلطان مصر قانصوه الغوري، فإنه كان بينه وبين إسماعيل شاه محبّة ومراسلات وهدايا، فلما تحقّق سليم ذلك، صمّم على قتال الغوري، أولا، ثم بعده يتوجه لقتال إسماعيل شاه ثانيا، فتوجه بعكسره [٣] إلى جهة حلب سنة اثنتين وعشرين كما تقدّم، فخرج الغوري بعساكر عظيمة لقتاله، ووقع المصاف بمرج دابق شمالي حلب، ورمى عسكر سليم عسكر الغوري بالبندق، ولم يكن في عسكر الغوري شيء منه، فوقعت الهزيمة على عسكر الغوري بعد أن كانت النصرة له أولا، ثم فقد تحت سنابك الخيل كما مرّ عند ذكره، وكان ذلك بمخامرة خير بك والغزالي بعد أن عهد إليهما السلطان سليم بتوليتهما مصر والشام، ثم بعد الوقعة أخليا له حلب لأنهما معه في الباطن، فأقبل سليم إلى حلب فخرجوا إلى لقائه يطلبون الأمان ومعهم المصاحف يتلون جهارا: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ الله رَمى ٨: ١٧ [الأنفال: ١٧] فقابلهم بالإجلال والإكرام، ثم حضرت صلاة الجمعة، فلما سمع الخطيب خطب باسمه وقال: خادم الحرمين الشريفين، سجد لله شكرا على أن أهلّه لذلك، ثم ارتحل للشام بعد أن أخلاها له خير بك والغزالي، فخرجوا للقائه، ودعوا له، فأكرمهم، وأقام بها لتمهيد أمر المملكة، وأمر بعمارة قبّة على الشيخ محيي الدّين بن عربي بصالحية دمشق، ورتب عليها أوقافا كثيرة، ثم توجه إلى مصر، فلما وصل إلى خان يونس بقرب غزّة قتل فيه وزيره حسام باشا، ثم لما دخل مصر وقع بينه وبين طومان باي سلطان الجراكسة حروب يطول ذكرها، وقتل بها وزير سليم يوسف باشا سنان باشا، وكان مقداما، ذا رأي وتدبير، فأسف سليم عليه، بحيث قال: أي فائدة في مصر بلا يوسف، وقاتل طومان باي ومن معه من الأمراء قتالا شديدا، وظهر لطومان باي شجاعة قوية عرف بها، وشهد له بها الفريقان، وأوقع الفتك بعسكر السلطان سليم، ولولا شدة عضده بخير بك


[١] في «آ» : «واقعة» .
[٢] لفظة «السلطان» سقطت من «ط» .
[٣] في «آ» : «فتوجه عسكره» .

<<  <  ج: ص:  >  >>