للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغزالي ومكيدتهما ما ظفر بطومان باي، ثم لما ظفر به أراد أن يكرمه ويجعله نائبا عنه بمصر فعارضه خير بك وخاف عاقبة فعله، وقال لسليم: إنك إن فعلت ذلك استولى على السلطنة ثانيا، وحسّن له قتله، فقتله وصلبه بباب زويلة، ودفنه كما أسلفنا، ونزل السلطان سليم بالمقياس مدة إقامته بمصر بعدا عن روائح القتلى، وحذرا من المكيدة، إلى أن مهدها، ثم ولّى خير بك أمير الأمراء على مصر، وولىّ الغزالي على الشام، وولّى بمصر القضاة الأربع، وهم قاضي القضاة كمال الدّين الشافعي، وقاضي القضاة نور الدّين علي بن ياسين الطرابلسي الحنفي، وقاضي القضاة الدّميري المالكي، وقاضي القضاة شهاب الدّين أحمد بن النّجار الحنبلي، واستولى على الأرض الحجازية وغيرها، ورتّب الرواتب، وأبقى الأوقاف على حالها، ورتّب لأهل الحرمين في كل سنة سبعة آلاف أردّب حبّ، ثم عاد إلى القسطنطينية [١] وقد أصرف غالب خزائنه، فأخّر السفر عن بلاد العجم ليجمع ما يستعين به على القتال، فظهر له في ظهره جمرة منعته الراحة، وحرمته الاستراحة، وعجزت في علاجه حذّاق الأطباء، وتحيّرت في أمره عقول الألباء، ولا زالت به حتّى حالت بينه وبين الأمنية، وخلّت بينه وبين المنية، فتوفي- رحمه الله تعالى- في رمضان أو شوال بعد علّة نحو أربعين يوما.

وذكر العلائي في «تاريخه» أنه خرج من القسطنطينية إلى جهة أدرنة وقد خرجت له تلك الجمرة تحت إبطه وأضلاعه، فلم يفطن بها حتّى وصل إلى المكان الذي بارز فيه أباه السلطان بايزيد [٢] حين نازعه في السلطنة، فطلب له الجرايحية والأطباء فلم يدركوه إلا وقد تآكلت ووصلت إلى الأمعاء، فلم يستطيعوا دفعا عنه ولا نفعا، ومات بها، ودفن بأدرنة عند قبر أبيه. انتهى وفيها- تقريبا- عبد الله بن إبراهيم الفاضل العلّامة الشهير بابن الشّيشري الحنفي [٣] .


[١] في «ط» : «ثم عاد للقسطنطينية» .
[٢] في «آ» و «ط» : «أبا يزيد» .
[٣] ترجمته في «الكواكب السائرة» (١/ ٢١٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>