للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغوري بمرج دابق مخامرة، رجع إلى مصر ولحق بطومان باي، وأعانه على السلطان سليم، ولما افتتح السلطان سليم مصر ثبت على ميثاقه ووعده، وولاه نيابة الشام، وخرج في ركابه من مصر إلى دمشق، ثم خرج في وداعه، ثم عاد إلى دمشق، وقد ولّى السلطان سليم قاضي القضاة ابن الفرفور بعد أن تحنّف، وكان شافعيا، وأبطل القضاة الأربعة إلّا ابن فرفور، فكان قاضيا. وكان الغزالي نائبا فأعاد الشهود إلى مراكزهم على عادتهم في الدولة الجركسية، ووقع بينه وبين ابن فرفور بهذا السّبب، غير أن الغزالي نشر العدل في دمشق وأعمالها، وأبطل ما كان حدث بها من اليسق [١] ، ومنع البوّابين أن يأخذوا شيئا من الداخلين إلى المدينة، وجرّد السيف على كل من تعرّض من الأروام لامرأة أو صبيّ. وكتب بذلك إلى السلطان سليم، وأخبره بأن دمشق غير معتادة لشيء من هذه المناكير، فأجيب بأنّا قلدناك أمر الرّعية فافعل ما هو الشرع، وعرض بالقضاء لقاضي القضاة شرف الدّين بن مفلح بدلا عن ابن فرفور، فأجيب إلى ذلك، فباشر الغزالي النيابة، وابن مفلح القضاء بسيرة حسنة إلى سنة ست وعشرين، فكان الغزالي ببيروت وجاءه الخبر بموت السلطان سليم، فركب من ساعته إلى دمشق وحاصر قلعتها، ثم سلّمها إليه أهلها، ونفي نائبها إلى بيت المقدس، وجعل نيابتها للأمير إسماعيل بن الأكرم، وأمر الخطباء أن ينوهوا بسلطنته ويدعوا له بها [٢] على المنابر، وفرح بذلك جهلة العوام دون عقلاء الناس، ثم توجّه إلى طرابلس، وحمص، وحماة، وحلب، وحاصر قلاعها، ولم يظفر بطائل، لكنه قبض على كافل حمص وقتله، ثم دخل حماة- وقد فرّ كافلها وقاضيها إلى حلب- فأخذ من كان معه في النّهب، وقتل من كان له غرض في قتله، وكان فرّ ابن فرفور أيضا إلى حلب خوفا من معرته، ولما بلغ السلطان سليمان خبره جهّز إليه جيشا، فصار الغزالي يحصّن قلعة دمشق وما حولها، ونصب بها منجنيقا ليرمي به المحاصرين، وصار يركب من دار السعادة إلى القلعة، ومن القلعة إلى دار السعادة، وضاقت عليه الأرض، وهمّ بالهرب، فثبّت


[١] اليسق: كلمة تركية تعني (الممنوع) .
[٢] لفظة «بها» سقطت من «ط» .

<<  <  ج: ص:  >  >>