للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان عالي الهمّة، كثير الطيران من بلاد لأخر [١] ، وكان يغلب عليه الحال ليلا فيتكلم بألسنة غير عربية، من عجم، وهند، ونوبة، وغيرها. وربما قال: قاق قاق طول الليل، ويزعق ويخاطب قوما لا يرون، وإذا قال شيئا في غلبة الحال نفذ.

وكان مبتلى بالأذى من زوجته مع قدرته على إهلاكها، وربما أدخل فقيرا الخلوة فتخرجه قبل تمام المدة وتقول له: قال لك فلان: أنا ما أعمل شيخا، فلا يتكلم، وقدم مصر، فسكن الزاوية الحمراء ثم زاوية إبراهيم المواهبي وبها مات.

وكان يكره للمريد قراءة أحزاب الشاذلية ويقول: ما ثم جلاء للقلوب مثل لا إله إلا الله، وقارئ أحزاب الشاذلية كزبّال خطب بنت سلطان، وصار يقول للسلطان: أعطني بنتك واجعلني جليسك وهو لا يعرف شيئا من آداب حضرته.

ومن كراماته أنه شكا له أهل بلد كبير الفأر في مقات البطيخ، فقال لرجل:

ناد في الغيط رسم لكم محمد بن أبي الحمائل أن ترحلوا فلم يبق فيها فأر فسأله أهل بلد [٢] آخر في ذلك، فقال: الأصل الإذن ولم يفعل.

وكان إذا اشتد به الحال في مجلس الذكر يحمل الرجلين وأكثر ويحمل التيغار الذي يسع ثلاثة قناطير ويجري بذلك.

قال الشعراوي: لقنني الذكر وأنا صغير سنة اثنتي عشرة وتسعمائة.

ومات بمصر في هذه السنة ودفن بزاويته بين السورين.

وفيها شمس الدّين محمد [٣] بن الشيخ الصّالح شهاب الدّين أحمد بن محمد الكنجي الدمشقي الشافعي [٤] .

ولد في ربيع الأول سنة ست وخمسين وثمانمائة، وقرأ العربية على الشيخ محمد التونسي المغربي، ثم قدم دمشق، وصار من أصحاب البدر الغزّي ووالده، وقرأ عليهما. وكانت له يد طولى في النحو، والحساب، والميقات.


[١] في «آ» : «من بلد لآخر» .
[٢] في «آ» : «بلاد» .
[٣] لفظة «محمد» سقطت من «ط» .
[٤] ترجمته في «الكواكب السائرة» (١/ ٣٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>