للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأثنى عليه ابن طولون في مواضع من «تاريخه» وألف شرحا على «فرائض المنهاج» ومجالس وعظية.

وتوفي ليلة السبت الثامن والعشرين من ربيع الأول ودفن بمقبرة باب الفراديس.

وفيها شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن محمد السودي- نسبة إلى قرية تسمى سودة شعنب [١] على ثلاث مراحل من صنعاء اليمن- الشهير بعبد الهادي اليمني الشافعي [٢] قطب العارفين وسلطان العاشقين.

قال في «النور» : كان من العلماء الراسخين والأئمة المتبحرين، درّس وأفتى، ثم طرأ عليه الجذب، وذلك أنه كان يقرأ في الفقه على بعض العلماء، فلما وصل إلى هذه المسألة والعبد لا يملك شيئا مع سيده، كرّر هذا السؤال على شيخه كالمستفهم، واعترته عند ذلك هيبة عظيمة وبهت، وحصل له الجذب.

وبالجملة فإنه كان آية من آيات الله تعالى، وأقواله تدل على تفنّنه في العلوم الظّاهرة واطلاعه على الأخبار السّالفة والأمثال السائرة، حتّى كأن جميع العلوم والمعاني [٣] ممثلة بين عينيه يختار منها الذي يريد ولا يعدل عن شيء إلّا إلى ما هو خير منه.

وكان مولعا بشرب القهوة ليلا ونهارا، وكان يطبخها بيده ولا يزال قدرها بين يديه، وقد يجعل رجله تحتها في النار مكان الحطب، وكان كلما أتى إليه من النذور إن كان من المأكولات طرحه فيها وإن كان من غيرها قذفه تحتها من ثوب نفيس أو عود أو غير ذلك، وقيل: إن عامر بن عبد الوهاب السلطان بعث إليه بخلعة نفيسة فألقاها تحتها فاحترقت فبلغ ذلك السلطان فغضب وأرسل يطلبها منه، فأدخل يده في النار وأخرجها، كما كانت ودفعها إليهم وقد أشار إلى هذا الشيخ


[١] في «ط» : «سودة شغب» وفي «النور السافر» ص (١٩١) : «شغب» .
[٢] ترجمته في «النور السافر» ص (١٥٥- ١٩١) .
[٣] لفظة: «والمعاني» سقطت من «ط» .

<<  <  ج: ص:  >  >>