العشاء إلى الصبح، ثم من صلاة الصبح إلى أن يخرج إلى صلاة الجمعة، ثم من صلاة الجمعة إلى العصر، ثم من صلاة العصر إلى المغرب، فأقام على ذلك عشرين سنة، ثم خرج يودّع رجلا من أصحابه في المركب أيام النيل كان مسافرا إلى مصر، ففات المركب بهم، وما رضي الريس يرجع بالشيخ، فدخل مصر فأقام بالتربة البرقوقية بالصحراء، وكان يتردد إلى الأزهر للصلاة على النّبي صلّى الله عليه وسلم، فاجتمع عليه خلق كثير، منهم الشيخ عبد الوهاب الشعراوي لازمه نحو خمس سنين، ثم أذن له أن يقيم الصلاة في جامع الغمري ففعل، وكان الشيخ عبد القادر بن سوار يتردد إلى مصر في التجارة والطلب، فلازم الشّوني، ورجع إلى دمشق بهذه الطريقة، ثم اصطلح على تسمية هذه الطريقة بالمحيا، وانتشرت طريقة الشّوني ببركته في الآفاق.
وتوفي بالقاهرة ودفن بزاوية مريده الشيخ عبد الوهاب الشعراوي.
وفيها مبارك بن عبد الله الحبشي الدمشقي القابوني [١] الشيخ الصّالح المربي.
قال ابن المبرد في «رياضه» : الشيخ مبارك ظهر في سنة سبع وتسعين وثمانمائة، وصار له مريدون، وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر من إراقة الخمور وغيرها، بعد ما أبطل ذلك، وقام على الأتراك، وقاموا عليه.
وقال ابن طولون: قرأ الشيخ مبارك في «غاية الاختصار» على التّقي بن قاضي عجلون، وبنى له زاوية بالقرب من القابون التحتاني، وأقام هو وجماعته بها، وكان يتردّد إليه شيخ الإسلام المذكور، وكان هو وجماعته يترصّدون الطريق على نقلة الخمر فيقطون ظروفها ويريقونها، فبلغ الحكّام ذلك، فقبض النائب على بعض جماعة الشيخ وحبسهم في سجن باب البريد، فنزل الشيخ مبارك ليشفع فيهم فحبس معهم، فأرسل ابن قاضي عجلون يشفع فيه فأطلق، ثم هجم بقية جماعة الشيخ مبارك على السجن وكسروا بابه وأخرجوا من فيه من رفاقهم، فبلغ النائب فأرسل جماعة من مماليكه فقتلوا منهم نحو سبعين نفسا عند باب البريد، وقرب الجامع الأموي، ثم ترك الشيخ مبارك ذلك ولازم حضور الزوايا كزاوية
[١] ترجمته في «الرياض اليانعة في أعيان المئة التاسعة» وهو مخطوط لم يطبع بعد.