للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان من مماليك السلطان قايتباي، وكان مقرّبا عنده، فسأل السلطان أن يعتقه ويخليه لعبادة ربّه ففعل، وساح إلى بلاد العجم وغيرها، وأخذ الطريق عن سيدي أحمد بن عقبة اليمني المدفون بحوش السلطان برقوق، فلما مات صحب نحو ستين شيخا ولما دخل العجم أخذ عن سيدي عمر روشني بتبريز، ثم رجع إلى مصر، وأقام بالمحل الذي دفن فيه من جبل المقطّم، وبنى له فيه معبدا. وكان لا ينزل إلى مصر إلّا لضرورة شديدة، ثم انقطع لا ينزل من الجبل سبعا وأربعين سنة، واشتهر بالصّلاح في الدولتين، وكان أمراء مصر وقضاتها وأكابرها يزورونه [١] ويتبركون به، وكان يغتسل لكل صلاة.

ومن كراماته أنه قام للوضوء بالليل فلم يجد ماء فبينما هو واقف وإذا بشخص طائر في الهواء وفي عنقه قربة ماء فأفرغها في الخابية ثم رجع طائرا نحو النيل.

وتوفي في شوال ودفن بزاويته في الجبل، وبني السلطان عليه قبّة، ووقف على مكانه أوقافا.

وفيها السيد عبد الرحمن بن حسين الرّومي الحسيني الحنفي [٢] أحد الموالي الرّومية.

ولد سنة أربع وستين وثمانمائة، وقرأ في شبابه على المولى محيي السّاموني، والمولى على الفناري، وغيرهما، ثم صار مدرّسا بمدرسة جند بك بمدينة بروسا.

وكان بارعا في العلوم العقلية، مشاركا في غيرها من العلوم، محقّقا، مدقّقا، زاهدا، ورعا، راضيا من العيش بالقليل، ثم غلب عليه الانقطاع إلى الله والتوجه إلى الحقّ وترك التدريس، فعيّن له كل يوم خمسة عشر عثمانيا فقنع بها، ولم يقبل الزيادة عليها، وانقطع بمدينة بروسا، وحكى عن نفسه أنه مرض في مدينة أدرنة وهو ساكن في بيت وحده وليس عنده أحد، فكان في كل ليلة ينشقّ له


[١] في «ط» : «يزورنها» وهو خطأ.
[٢] ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (٢٣٥- ٢٣٧) و «الكواكب السائرة» (٢/ ١٥٩- ١٦٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>