للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودخل في حياة والده الرّوم فعرضه المولى ابن المؤيد على السلطان أبي يزيد لسابقة بينه وبين والده فأعطاه مدرسة، ثم تدريس إحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنة، ثم بإحدى الثمان، وعزل ثم أعطي إحداهن ثانيا، ثم أضرّت عيناه، فأعطي تقاعدا بثمانين درهما.

وكان فاضلا، زاهدا، صحيح العقيدة، له «حاشية على شرح هداية الحكمة» لمولانا زاده.

وفيها شمس الدّين محمد بن علي بن عطية الحموي الشافعي [١] الإمام العلّامة الأوحد، المحقّق الفهّامة، شيخ الإسلام ابن شيخ الإسلام، العارف بالله ابن العارف بالله.

أخذ العلوم الظّاهرة والباطنة عن أبيه، وعن كثير من الواردين إليه، ولقّنه والده الذكر، وألبسه الخرقة، وكان قد ابتلي في صغره بسوء الفهم والحفظ، حتى ناهز الاحتلام، وفهمه في إدبار، فبينما هو ليلة من الليالي عند السّحر، إذا هو بوالده قد أخذته حالة، فأخذ في إنشاد شيء من كلام القوم، فلما سرّي عنه، خرج من بيته، وأخذ في الوضوء في إناء واسع من نحاس، فلما فرغ والده من وضوئه أخذ الشيخ شمس الدّين ماء وضوء والده وشربه فوجد بركته وتيسر عليه الفهم والحفظ من يومئذ، ولم يتوقف عليه بعد ذلك شيء من المطالب القلبية كما ذكر ذلك صاحب الترجمة في رسالته التي ألّفها في علم الحقيقة، وأكملها في سنة ثلاث وأربعين، وسمّاها «تحفة الحبيب» ، وكان يعظ بحماة بعد والده ويدرّس في العلوم الشرعية والعقلية، وتشتكي [٢] إليه الخواطر فيجيب عنها.

وكان في وعظه وفصاحته وبلاغته آية.

وحجّ هو وأخوه أبو الوفا سنة ثمان وثلاثين، وعمل مجلسه بعد عوده في مجلس القصب خارج دمشق، وهرعت أهل دمشق إليه.


[١] ترجمته في «درّ الحبب» (٢/ ١/ ١٧٠- ١٧٧) و «الكواكب السائرة» (٢/ ٥٠- ٥٢) و «الأعلام» (٦/ ٢٩١- ٢٩٢) .
[٢] في «آ» و «ط» : «وتشكي» وما أثبته من «الكواكب السائرة» مصدر المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>