للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فلم كنتم أنتم إذا خرجتم إلى صيدكم تقحّمتم على القرى وكلّفتم أهلها ما لا طاقة لهم به بالضرب الموجع، ثم لا يقنعكم ذلك حتّى تمشوا في زروعهم فتفسدوها في طلب درّاج [١] قيمته نصف درهم، أو عصفور قيمته لا شيء، والفساد محرّم عليكم في دينكم؟ فقلت: عبيد وأتباع. قال: لا، ولكنكم استحللتم ما حرّم الله وفعلتم ما نهاكم عنه، وأحببتم الظلم وكرهتم العدل، فسلبكم الله- عزّ وجل- العزّ وألبسكم الذّلّ، ولله فيكم نقمة لم تبلغ غايتها بعد، وإني أتخوّف عليكم أن تنزل النقمة بك إذ كنت من الظلمة فتشملني معك، فإنّ النقمة إذا نزلت عمّت، والبلية إذا حلّت شملت، فاخرج عني بعد ثلاثة أيام من أرضي، فإني إن وجدتك بعدها أخذت جميع ما معك وقتلتك وقتلت جميع من معك، ثم وثب وخرج، فأقمت ثلاثا وخرجت إلى مصر، فأخذني وإليك وبعث بي إليك، وها أنا الآن بين يديك والموت أحبّ إليّ من الحياة. فهمّ المنصور بإطلاقه، فقال له إسماعيل بن عليّ: في عنقي بيعة له، قال: فماذا ترى؟ قال: يترك في دار من دورنا ونجري عليه ما يليق به، ففعل ذلك به. انتهى.

قال ابن الأهدل: وهرب عبد الرّحمن بن معاوية بن هاشم بن عبد الملك وكثيرون من بني أميّة إلى المغرب، واستولى على بلاد الأندلس ومخاليفها [٢] وورثها بنوه بطنا بعد بطن، واستأمن سليمان بن هشام وابناه في نحو ثمانين رجلا من بني أميّة، فأمّنهم السّفّاح حتّى قدم عليه السديف بن


[١] الدّرّاج، والدّرّاجة: ضرب من الطير ذكرا كان أو أنثى. انظر «مختار الصحاح» ص (٢٠٢) .
[٢] في الأصل: «ومخالفيها» وهو خطأ، وأثبت ما جاء في المطبوع، وهو الصواب. قال ابن منظور: المخلاف: الكورة يقدم عليها الإنسان، وهو عند أهل اليمن واحد المخاليف، وهي كورها، ولكل مخلاف منها اسم يعرف به، وهي كالرّستاق، قال ابن بري: المخاليف لأهل اليمن كالأجناد لأهل الشام، والكور لأهل العراق، والرّساتيق لأهل الجبال، والطّساسيج لأهل الأهواز. «لسان العرب» (خلف) .

<<  <  ج: ص:  >  >>