للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن لم تثبت له رواية عن أحد منهم، وإنما روى عن عطاء بن أبي رباح وطبقته، وتفقّه على حمّاد بن سليمان، وكان من أذكياء بني آدم، جمع الفقه، والعبادة، والورع، والسّخاء، وكان لا يقبل جوائز الدولة، بل ينفق ويؤثر من كسبه، له دار كبيرة لعمل الخزّ [١] وعنده صنّاع وأجراء رحمه الله تعالى.

قال الشّافعيّ: النّاس في الفقه عيال على أبي حنيفة.

وقال يزيد بن هارون: ما رأيت أورع ولا أعقل من أبي حنيفة.

وروى بشر بن الوليد، عن أبي يوسف قال: بينما أنا أمشي مع أبي حنيفة، إذ سمعت رجلا يقول لآخر: هذا أبو حنيفة لا ينام الليل، فقال: والله لا يتحدّث عنّي بما لم أفعل، فكان يحيي الليل صلاة، ودعاء، وتضرّعا.

وقد روي أن المنصور سقاه السّمّ فمات شهيدا- رحمه الله- سمّه لقيامه مع إبراهيم [٢] . قاله في «العبر» [٣] .

وذكر الحافظ العامري في تأليفه «الرياض المستطابة» [٤] وكذلك ملخّصه صالح بن صلاح العلائي، ومن خطّه نقلت، أن الإمام أبا حنيفة رأى عبد الله بن الحارث بن جزء الصحابي، وسمع منه قوله- صلّى الله عليه وسلّم-: «من تفقّه في دين الله كفاه الله همّه ورزقه من حيث لا يحتسب» [٥] . انتهى.


[١] قال في «مختار الصحاح» ص (١٧٤) : الخزّ واحد الخزوز من الثياب.
[٢] هو إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب، أحد الأمراء الشجعان، خرج بالبصرة على المنصور، وتحول إلى الكوفة، وممن آزره أبو حنيفة، قتله حميد بن قحطبة سنة (١٤٥) هـ. انظر «الأعلام» للزركلي (١/ ٤٨) . (ع) .
[٣] (١/ ٢١٤- ٢١٥) .
[٤] ص (١٤٩) من منسوختنا، وقد قمت بتحقيقه بالاشتراك مع الأستاذ الفاضل رياض عبد الحميد مراد. وسوف نقدمه للطبع قريبا إن شاء الله تعالى.
[٥] ذكره الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (٣/ ٣٢) وكذلك هو في «تاريخ نيسابور» للحاكم وقد ذكره الذهبي في «الميزان» (١/ ١٤١) وفي سنده أحمد بن محمد بن الصلت الحمّاني، وهو كذاب وضاع. قال الذهبي: قلت: هذا كذب، وعبد الله بن الحارث بن جزر الصحابي

<<  <  ج: ص:  >  >>