قلت: ويصدّق مقال ابن الفرات ما ذكره حافظ المغرب الثقة الحجّة الثبت ابن عبد البرّ المالكيّ في ترجمة الشافعي- رضي الله عنه- قال:
حمل الشّافعيّ من الحجاز مع قوم من العلوية تسعة وهو العاشر إلى بغداد، وكان الرّشيد بالرّقّة، فحملوا من بغداد إلى الرّقّة، وأدخلوا عليه ومعه قاضيه محمّد بن الحسن الشيباني، وكان صديقا للشافعيّ، وأحد الذين جالسوه في العلم وأخذوا عنه، فلما بلغه أن الشّافعيّ في القوم الذين أخذوا من قريش واتهموا بالطعن على هارون الرّشيد اغتمّ لذلك غمّا شديدا، وراعى وقت دخولهم على الرّشيد، فلما دخلوا عليه سألهم وأمر بضرب أعناقهم، فضربت أعناقهم، إلى أن بقي حدث علوي من أهل المدينة- قال الشّافعيّ: وأنا- فقال للعلويّ: أنت الخارج علينا والزاعم أنّي لا أصلح للخلافة؟ فقال: أعوذ بالله أن أدعي ذلك وأقوله، فأمر بضرب عنقه، فقال له العلويّ: إن كان لا بدّ من قتلي فأنظرني إلى أن أكتب إلى أمّي فهي عجوز لم تعلم خبري، فأمر بقتله فقتل.
ثم قدمت ومحمد بن الحسن جالس معه، فقال لي مثل ما قال للفتى، فقلت: يا أمير المؤمنين لست بطالبيّ ولا علويّ، وإنما أدخلت في القوم بغيا، وإنما أنا رجل من بني عبد المطلب بن عبد مناف بن قصي، ولي مع ذلك حظ من العلم، والفقه، والقاضي يعرف ذلك، أنا محمد بن إدريس بن العبّاس بن عثمان بن شافع بن السائب بن يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف، فقال لي: أنت محمّد بن إدريس؟ فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، فقال لي: ما ذكرك لي محمّد بن الحسن، ثم عطف على محمد بن الحسن فقال: يا محمد ما يقول هذا؟ هو كما يقوله؟ قال: بلى، وله محل من العلم كبير، وليس الذي رفع عنه من شأنه. قال: فخذه إليك حتّى أنظر في أمره، فأخذني محمّد- رحمه الله- وكان سبب خلاصي لما أراد الله عزّ وجلّ،