وأخرج رجل من الملّاحين هرثمة- وكان به نقرس- فلما خرج محمد الأمين أخذه إبراهيم بن جعفر البلخي، ومحمد بن حميد- وهو ابن أخي شكلة أمّ إبراهيم بن المهدي- وألقى عليه إزارا من أزر الجند، وحمل إلى دار إبراهيم بن جعفر بباب الكوفة، وكان أحمد بن سلام صاحب المظالم ممّن غرق مع هرثمة، فأخذ، فكان مع محمد الأمين في دار إبراهيم بن جعفر، فقال له الأمين: ادن منّي وضمّني إليك، فإني أجد وحشة شديدة، ففعل، وكان على كتفيه خرقة، فنزع أحمد ثوبه، وقال: البسه، فقال: دعني، فهذا لي من الله خير كثير في هذا الموضع، ثم دخل إليه حمرويه غلام قريش مولى طاهر في جماعة، فأخذ محمد وسادة وضربه بها، وأخذ السيف من يده، فصاح بأصحابه فقتلوه.
ونصب طاهر رأسه، ثم بعث رأسه إلى المأمون، والرداء والقضيب.
قال الموصلي: كتب أحمد بن يوسف إلى المأمون عن لسان طاهر بقتل [محمد][١] الأمين.
أما بعد: فإنّ المخلوع قسيم أمير المؤمنين في النسب واللّحمة، قد فرّق الله بينه وبينه في الولاية والحرمة لمفارقته عصم الدّين، وخروجه من الأمر الجامع للمسلمين. قال الله- عزّ وجلّ- في ابن نوح- على نبيّنا وعليه السلام-: إِنَّهُ لَيْسَ من أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ١١: ٤٦ [هود: ٤٦] ولا طاعة لأحد في معصية الله، ولا قطيعة إذا كانت في جنب الله، ثم أنشد طاهر بعد قتل الأمين: