للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَنِعَ بِهِ".

===

والكفاف - بفتح الكاف -: من الكف؛ وهو المنع، لا من الكفاية؛ كما قد يتوهم (وقنع به) أي: اكتفى بذلك القليل، فلم تطمح نفسه لطلب ما زاد عليه، فمن حصل له ذلك، وكف نفسه عما زاد على ذلك .. فقد فاز في الدنيا والآخرة. انتهى "مناوي".

قال القرطبي: والكفاف: ما يكف عن الحاجات، ويدفع الضرورات والفاقات، ولا يلحق بأهل الترفهات.

ومعنى هذا الحديث: أن من فعل تلك الأمور واتصف بها .. فقد حصل على مطلوبه، وظفر بمرغوبه في الدنيا والآخرة. انتهى من "المفهم".

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "اللهم؛ اجعل رزق آل محمد قوتًا" أي: اكْفِهم من القوت بما لا يُرْهِقُهم إلى ذل المسألة، ولا يكون فيه فضولٌ تَبْعَثُهم على الترفُّهِ والتبسط في الدنيا، وفيه حجة لمن فضَّل الكفاف؛ لأنه إنما يدعو لنفسه وآله بأفضل الأحوال، وقد قال: "خَيْرُ الأمورِ أوساطُها". انتهى.

ويؤيده ما أخرجه ابن المبارك في "الزهد" بسند صحيح عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن ابن عباس: أنه سئل عن رجل قليل العمل قليل الذنوب، أو رجل كثير العمل كثير الذنوب، فقال: لا أعدل بالسلامة شيئًا، فمن حصل له ما يكفيه واقتنع به .. أمن من آفات الغنى وآفات الفقر.

وقد ورد حديث لو صح .. لكان نصًّا في المسألة؛ وهو ما أخرجه ابن ماجه من طريق نُفيع؛ وهو ضعيف، عن أنس رفعه: "ما من غني ولا فقير .. إلا وَدَّ يوم القيامة أنه أوتي من الدنيا قوتًا".

وقد تكلم ابن بطال على مسألة التفضيل بين الغَنيِّ والفقير بكلام طويل، حاصله: أن الفقير والغني متقابلان؛ لما يعرض لكل منهما في فقره وغناه من

<<  <  ج: ص:  >  >>