للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لصاحبتها: إنَّما ذهب بابنكِ أنتِ، وقالت الأخرى: إنَّما ذهب بابنكِ أنتِ، فتحاكمتا إلى داود، فقضى به للكبرى، فخرجتا إلى سليمان بن داود- عليهما السلام- فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكين أَشُقُّه بينكما، فقالت الصغرى: لا تفعل- يرحمك الله- هو ابنها، فقضى به للصغرى" (١)، قال ابن القَيِّمِ في الطرق الحكمية [ص ٦]- بعد أن ساق الخبر-: "فأيُّ شيء أحسن من اعتبار هذه القرينة الظاهرة، فاستدَلَّ برضا الكبرى بذلك، وأَنَّها قصدت الاسترواح إلى التأسي بمساواة الصغرى في فَقْدِ ولدها، وبشفقة الصغرى عليه وامتناعها من الرضا بذلك- على أَنَّها هي أُمّه، وأَنَّ الحامل لها على الامتناع ما قام بقلبها من الرحمة والشفقة التي وضعها الله في قلب الأُمّ، وقويت هذه القرينة عنده حتى قَدَّمها على إقرارها، فإنَّه حكم به لها مع قولها: "هو ابنها"، وهذا هو الحق؛ فإنَّ الإقرار إذا كان لعلة اطّلَع عليها الحاكم لم يلتفت إليه، ولذلك ألغينا إقرار المريض مرض الموت بمال لوارثه؛ لانعقاد سبب التهمة، واعتمادًا على قرينة الحال في قصده تخصيصه".

وممن خرَّج الحديث السابق -أيضًا- الإمامُ النسائي، وقد ترجم عليه عدة تراجم، منها قوله: "الحكم بخلاف ما يعترف به المحكوم له إذا تبين للحاكم أَنَّ الحق في غير ما اعترف به" (٢)، قال


(١) سبق تخريجه.
(٢) السنن الكبرى ٣/ ٤٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>