لا بيع؛ ذلك بأنَّ العبرة للمعاني لا للألفاظ والمباني، كما هو مقرر عند الفقهاء، قال ابن القَيِّمِ (ت: ٧٥١ هـ): "الاعتبار في العقود والأفعال بحقائقها ومقاصدها، دون ظواهر ألفاظها وأفعالها"[الإعلام ٣/ ٩٥]، فمن رهن سلعة بلفظ البيع فهو رهن لا بيع، ومن وهب سلعة لآخر بعوض فهو بيع لا هبة يتقرر له جميع أحكام البيع من ردٍّ بعيب وأخذٍ بشفعة وغيرها، وإذا كان ذلك رهنًا للوجه الذي فَصَّلته، فيكون بيع (زيد) للسيارات على المدعي بيع مرهون، وهو باطل لا يَصِحُّ، ولا يعارض هذا ما قرره المدعى عليه من أَنَّه اشترى السيارات بعد بيعها بثمن حالٍّ أقل من ثمنها الذي باعها به؛ لأَنَّ حقيقة هذا العقد رهن لا بيع، ولم يثبت ما يعارضه بدعوى في مواجهة المدعو (زيد)، والأحكام تتجزأ باختلاف أسبابها [القواعد والأصول الجامعة لابن سعدي ص ٧٥]، أليس من ادعى خلع زوجته على عوض وأنكرته يثبت الطلاق بإقراره ولا يثبت له العوض إلَّا ببينة؟ (١).
لذلك كله فقد صرفت النظر عن دعوى المدعي، وأفهمته بأَنه لا يستحق تسليم السيارات الموصوفة في الدعوى له، وبذلك قضيتُ.
(١) في هذه الأسباب طول، ولكن استدعى ذلك أن المعاني التي نقررها تحتاج إلى زيادة الإيضاح والبيان.