للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعارض هذا إقرار المدعية بالاستلام؛ لأَنَّه إذا قويت القرائن قُدِّمت على الاعتراف كما في قضيتنا هذه، وبرهان ذلك: ما أخرجه الإمامان البُخاريّ ومسلم -واللفظ له- من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بينما امرأتان معهما ابناهما، جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت هذه لصاحبتها: إنَّما ذهب بابنك أنتِ، وقالت الأخرى: إنَّما ذهب بابنك، فتحاكمتا إلى داود، وقضى به للكبرى، فخرجتا إلى سليمان بن داود -عليهما السلام - فأخبرتاه فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما، فقالت الصغرى: لا تفعل - يرحمك الله- هو ابنها، فقضى به للصغرى" (١)، قال ابن القَيِّمِ - كما في الطرق الحكمية [ص ٦]-: "فإنَّه حكم به لها مع قولها: وهو ابنها، وهذا هو الحق؛ فإن الإقرار إذا كان لعلة اطلع عليها الحاكم لم يلتفت إليه أبدًا".

وقد ترجم الإمام النسائي على هذا الحديث تراجم عدة، منها ما قاله بنَصِّه: "الحكم بخلاف ما يعترف به المحكوم له إذا تبيّن للحاكم أن الحق غير ما اعترف به" (٢)، قال ابن القَيِّمِ في الطرق الحكمية [ص ٦]- معلقًا على ذلك-: "فهكذا يكون الفهم عن الله ورسوله"، كما علق ابن القَيِّمِ على هذه الترجمة في إعلام الموقعين [٤/ ٣٧١] بقوله: "وهذا هو العلم استنباطًا ودليلًا"، وجاء في


(١) سبق تخريجه.
(٢) السنن الكبرى ٣/ ٤٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>