وتقريره للتوصِيف هو المعتد به ما دام قائمًا على الأصول، ولا يعارضه تَوْصِيف الخصم إذا خالفه.
٣١ - إنَّ القاضي بعد تهيئته الحكم الكلي سواء كان مقررًا مكتوبًا سبق تقريره في الكتاب، أَوْ السنة، أَوْ الإِجماع، أَوْ قول فقيه، أَمْ استنبطه القاضي من الأَدِلَّة الشرعية وأحكم صياغته في هيئة نَصٍّ فقهي مهذب مرتب، وبعد تهيئته للواقعة القضائية مقررة ومستنبطة من كلام الخصوم وطلباتهم وبيناتهم منقحة ومرتبة ومهذبة كأَنَّه لم يذكر معها سواها مما لا علاقة له بالتَّوْصِيف، وقد انتفت موانعها- فإنَّه يقوم بمطابقة أحدهما على الآخر بواسطة القياس القضائي، فإذا اشتركا في الأوصاف المؤثرة تَحَلَّت الواقعة بالحكم الكلي، وتوصفت به، وقد يصرح القاضي بهذا التَّوْصِيف، فيقول: إنَّ هذه الواقعة رهن لا بيع، أَوْ إنَّها جعالة لا إجارة، ويتعين ذلك عند اللبس، وقد لا يصرح بذلك- وهو الغالب- مكتفيًا بتسبيب الحكم وظهور التَّوْصِيف من التسبيب.
٣٢ - على القاضي فحص التَّوْصِيف بعد تقريره، وذلك بمراجعته قبل ترتيب الحكم القضائي عليه، ويكون بمراجعة الخطوات التي سلكها القاضي عند تقريره وفحصها خطوة خطوة، مستعينًا في ذلك بتقمّص شخصية المخالف، وافتراض الاعتراضات على ما قرره، والإِجابة عليها أَوْ العدول إليها عند الاقتضاء، كل ذلك