والاعتداد بهذا الدليل (شرع من قبلنا) دليلًا لشرعية الأحكام هو مذهب فريق من العلماء، وهو منقول عن أَصْحَاب أبي حنيفة، وعن بعض أَصْحَاب الشافعي، ومالك، وهو ترجيح جمهور الحنابلة، وأَصَحُّ الروايتين عن أحمد؛ يَدُلُّ لذلك قوله - تعالى -: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}[النحل: ١٢٣]، وقوله - تعالى -: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام: ٩٠].
ففي هاتين الآيتين الأمر باتباع الأنبياء قبلنا، فدَلَّ على حجية الأخذ بما في شريعتهم إذا لم يخالف شريعتنا.
وقد خالف في ذلك - أي: في الاستدلال بشرع من قبلنا - بعض الشافعية، وهو رواية عن أحمد، وقول آخرين من الأصوليين (١).
ولكن الراجح هو الأول، وليس هذا موضع تتبع أدلة الفريقين ومناقشتها؛ لأَنَّ القصد الإِشارة إلى هذا الدليل بإيجاز.
هذه لمحة إجمالية أردت بها تنبيه المبتدئ وتذكير المنتهي بأدلة شرعية الأحكام، ومن أراد التفصيل في كل دليل فعليه بكتب الأصول.
(١) الإِحكام للآمدي ٤/ ١٤٧، البرهان للجويني ١/ ٣٣١، البحر المحيط ٦/ ٤١، شرح مختصر الروضة ٣/ ١٦٩، شرح الكوكب المنير ٤/ ٤١٢، أصول مذهب الإِمام أحمد ٤٨٥، ٤٨٦، ٤٩١، الشرائع السابقة ومدى حجيتها للدرويش ٢٦٩.