للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون تابعًا للشريعة لا مصادمًا لها، ولو قيل: إنَّ العرف هو الحاكم والمؤثر في الأحكام لنسخت أحكام الشريعة كلها، وما أُنْكِر على أَنْ يتعارف أي قوم على نظام يسودهم ويحتكمون إليه، لكن المقصود بملاحظة العادات: هو في المجال التطبيقي وما أحال الشرع الحكم فيه على العرف، كالتقديرات والتعويضات، والإِقرارات، وحمل كلام الناس وعقودهم وشروطهم على ما تعارفوا عليه، فهذا هو الذي يختلف باختلاف الأمكنة، والأزمنة، والأحوال، والظروف، أَمَّا أصل خطاب الشارع وأحكامه وقواعده فلا تتغير؛ لأَنَّها أبدية، ولا يؤثر فيها اختلاف مكان أَوْ زمن أَوْ حالة، فهي صالحة لكل الناس في مختلف البيئات، والعصور، والأمكنة" (١).

وما مَرَّ من كلام الشيخ السنهوري، وقرار المجمع، وكلام الشيخ التركي في العرف ظاهرٌ، فالعرف كاشف ومبين للوقائع ولا ينشئ الأحكام، وسر المسألة: أنَّ العرف ليس مصدرًا تشريعيًّا من أدلة شرعية الأحكام، وإنَّما هو دليل من أدلة وقوع مُعَرِّفَات الأحكام، وفرق بين الدليلين دليلِ وقوع المُعَرِّفَات، ودليلِ الشرعية (٢).

وممَّا يجب التنبيه عليه أنَّ العرف حال نزول القرآن وورود الحديث ملحوظٌ عند تفسير النصوص، فإنَّ معرفة حال العرب وعرفها


(١) أصول مذهب الإِمام أحمد ٦٧٠.
(٢) انظر الفروق بين الدليلين في المطلب الثاني من المبحث الأول من هذا الفصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>