للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدل على كون العرف دليلًا لوقوع الأحكام: حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "حجم رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أبو طيبة، فأمر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصاعٍ من تمر، وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه" (١)، فأبو طيبة حجم النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير مشارطة على أجرته؛ اعتمادًا على العرف في مثله، فدلَّ على الاعتداد بالعرف في وقوع الحكم (٢).

شروط اعتبار العرف دليلًا لوقوع الحكم:

لا يعتد بالعرف دليلًا لوقوع الحكم إلَّا إذا تحققت شروط، هي:

(أ) أَنْ يكون العمل به في دليل وقوع الحكم:

العرف دليل من أدلة وقوع الأحكام، والنَّصّ دليل شرعيتها، فلا يصح أَنْ يأتي العرف بتقرير أمر يكون مخالفًا لدليل شرعي، لأَنَّه بذلك يكون قد تعدى حده الذي يعمل فيه، فلا يعتد به، فالعرف لا يُسْتَدَلُّ به على شرعية الحكم الكلي، ولا على شرعية مُعَرِّفَاته، بل يُسْتَدَلُّ به على وقوع مُعَرِّفَات الحُكْم، ولذا فإنَّ العرف لا ينسخ النَّصّ، ولا يخصص عامه، ولا يقيد مطلقه، بل يستعان به على تحقيق مناط الحكم الكلي، وتنزيله على الوقائع، وتفسير الوقائع ببيان مجملها، وتخصيص عامها، وتقييد مطلقها (٣)، إلَّا ما كان من أعراف العرب حال التنزيل


(١) رواه البخاري [الفتح ٤/ ٤٠٥]، وهو برقم ٢٢١٠، ومسلم ٣/ ١٢٠٤، وهو برقم ٦٢/ ١٥٧٧.
(٢) فتح الباري ٤/ ٤٠٧، العرف لمباركي ١٢٠.
(٣) الفروق ١/ ١٢٨، القواعد والأصول الجامعة ٣٨، أصول مذهب الِإمام أحمد =

<<  <  ج: ص:  >  >>