للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهله (١)، وسواء وجدنا ذلك مَنْصُوصًا عليه في كتاب الله وسنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بجزئه، أَمْ استنبطه المجتهدون منهما، أَوْ مما تفرع عنهما من أصول الشريعة بالقياس، أَوْ بالتخريج على القواعد والأصول، أَوْ بردِّه إلى المقاصد العَامَّة للشريعة؛ تحصيلًا للمصالح، ودفعًا للمفاسد.

يقول الماوردي (ت: ٤٥٠ هـ): "ليس من حادثة إلَّا ولله فيها حكم قد بيَّنه من تحليل أَوْ تحريم، وأمر ونهي" (٢).

فالشريعة ثَرَّةٌ (٣) في مصادرها، لا ينضب معينها في نُصُوصها إذا أخذت بعمومها وعللها ومقاصدها؛ يقول سهل بن عبد الله (ت: ٢٨٣ هـ): "لو أعطي العبد بكل حرف من القرآن ألف فَهْمٍ لم يبلغ نهاية ما أودعه الله في آية من كتابه" (٤)، فالنظر في نُصُوص الشريعة يكون بمجموع اللفظ، تسوقه المقاصد اللغوية بسوابقها ولواحقها، وتحكمه المقاصد الشرعية كلية أَوْ جزئية (٥)، ومن كان خبيرًا بذلك لم يعوزه حكم النازلة مهما استجدت، يقول ابن تَيْمِيّةَ (ت: ٧٢٨ هـ): "ومتى قدر الإِنسان على اتباع النُّصوص لم يعدل عنها، وإلَّا اجتهد رأيه لمعرفة الأشباه والنظائر، وقلَّ أَنْ تعوز


(١) إعلام الموقعين ١/ ٣٣٣، ٣٣٧.
(٢) أدب القاضي ١/ ٥٦٥.
(٣) ثَرَّ الشيء: غزر وكثر، وثرت الناقة: غزر لبنها [الوسيط لمجمع اللغة ١/ ٩٥].
(٤) البرهان في علوم القرآن ١/ ٩.
(٥) الثبات والشمول ٣٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>