للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النُّصُوص من يكون خبيرًا بها وبدلالتها على الأحكام" (١)، فمثلًا: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحتكر إِلَّا خاطئ" (٢) فيه تحريم الاحتكار بشروطه المقررة شرعًا، وهي دلالة خَاصَّة، وفيه نهي المالك عن التصرف في ملكه بما يضر بعَامَّة الناس، وأَنَّه إن فعل ذلك مُنِع منه، وهي دلالة عَامَّة يدخل تحتها ما لا حصر له من الصور، وهذا فيه ردٌّ على من يقول بأَنَّ نُصُوص الشريعة لا تفي بعشر معشار الحوادث، كما فيه ردٌّ على الذين يردَّدون بعض ما ذكره العلماء من أَنَّ النُّصُوصَ معدودة محدودة متناهية، والحوادثَ ممدودة غير معدودة ولا متناهية، ويريدون تَلَمُّس الأحكام من غير الشريعة.

فإنَّ قائلي ذلك من العلماء أرادوا حَثَّ إخوانهم العلماء على الاستنباطِ، وإعمالِ القياس ومصادر الشريعة الأخرى في مواجهة النوازل المستجدة، ولم يريدوا بذلك الانصرافَ عن الشريعة ومصادرها، وتَلَمُّسَ سبل الحكم في غيرها (٣).

فحاجة الناس لأحكام الشرع ضرورية وناجزة، يقول ابن القَيِّمِ (ت: ١٧٥ هـ): "حاجة الناس إلى الشريعة ضرورية فوق


(١) الاستقامة ٢/ ٢١٧، الحسبة ٦٥، مجموع الفتاوى ٢٨/ ١٢٩.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) مجموع الفتاوى ١٩/ ٢٨٠، الفتاوى الكبرى ١/ ٤٤٢، الثبات والشمول ٤٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>