للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاجتهم إلى كل شيء، ولا نسبة لحاجتهم إلى علم الطب إليها" (١).

والواقع العملي لمسيرة أمتنا الفقهية خير شاهد على تفوقها في جانب التشريع؛ إذ إنَّها في مسيرتها الخيرة منذ وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانقطاعِ نزول الوحي وهي تجتهد وتستنبط من الوحيين وأصولهما، وقد اتسعت فتوحاتها، وشرَّقت وغرَّبت، ولم تقف أمامها معضلة فقهية، بل كلما فتحوا بلادًا، وعرضت لهم بعض المشكلات الفقهية التي لم تكن فيمن قبلهم انفتح لهم أُفُقٌ من الاجتهاد والاستنباط عالجوا به ما وجدوه في البلاد المفتوحة من أنماط المعاملات المستجدة والأعراف المختلفة (٢).

بل لقد ذكر ابن تَيْمِيَّةَ أَنَّ ملوك النصارى في زمن مضى يردون الناس من سائر رعيتهم للتحاكم في الدماء والأموال إلى حاكم الأقلية المسلمة لديهم ليحكم بينهم بشرع المسلمين؛


(١) مفتاح دار السعادة ٢/ ٢.
(٢) وهذا لا يعني تطويعَ الشريعة بحسب الأهواء وتبديلَها على تمادي الزمن لاعتبارات طارئة خضوعًا للأهواء والرغبات، فذلك لا نجد له موطئ قدم في الفقه الإِسلامي؛ لأنه تشريع سماوي ليس للفقهاء فيه إلا استنباط الأحكام من دلالة النُّصُوص، أو القياس على عللها، ولئن كانت بعض المسائل متأخرة الاستنباط بحسب التوقيت الزمني للحاجة إليها فتلك مرونة في الفقه وسعة فيه، وليس تبديلًا لأحكامه بحسب الهوى، والرغبات [الخيار لأبو غدة ١/ ٢٤٨ بتصرف].

<<  <  ج: ص:  >  >>