للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعرب في لسانهم عرف مستمر فلا يَصِحُّ العدول عنه في فهم الشريعة، وإن لم يكن ثمَّ عرف فلا يَصِحُّ أَنْ يجرى في فهمها على ما لا تعرفه، وهذا جارٍ في المعاني والألفاظ والأساليب" (١).

ويقول أيضًا: "معرفة عادات العرب في أقوالها، وأفعالها، ومجاري أحوالها حالة التنزيل وإن لم يكن ثمَّ سبب خَاصّ لا بُدَّ لمن أراد الخوض في علم القرآن منه، وإلَّا وقع في الشبه والإِشكالات التي يتعذر الخروج منها بهذه المعرفة" (٢).

فالعلم بأعراف العرب ومجاري أحوالها في كلامها وفعالها حال نزول القرآن وورود الحديث مما يساعد على كشف معنى النَّصّ وتفسيره ببيان مجمله، وتخصيصه، أَوْ تقييده، حيث ثبت ذلك العرف بطريق شرعي.

ولذلك أمثلة، منها ما يلي:

١ - قوله- تعالى-: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: ٣٣].

فظاهر الآية يَدُلُّ على المنع من الإِكراه على الزنى إذا كانت الأمة لا ترضاه، وهذا غير مراد قطعًا؛ لأَنَّ جريمة الزنى لا تجوز بحالٍ رضيت الأمة أَمْ لم ترض، وإنَّما جاء النهي بهذه الصيغة مراعاةً


(١) الموافقات ٢/ ٨٢.
(٢) الموافقات ٣/ ٣٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>