للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تختلف باختلاف العبارات، والدعاوى، والإِقرارات، والشهادات، والشروط التي تتضمن حقوق المحكوم له" (١).

والمكلف وهو يتكلم بأمر، أَوْ نهي، أَوْ إقرار، أَوْ عقد قد يُطْلِق الكلام ولا يقيده أَوْ يفسره، بل إنَّ تقييده أحيانًا يُعَدُّ إعياءً في الكلام، فيتعين على من يُنَفِّذ كلامه أَوْ يُحاكمه فيه أن يَحْمله على وجوه تفسير الكلام المقررة، يقول ابن مفلح (ت: ٧٦٣ هـ): "ومن قصد بيان تعليق الحكم بالوصف رتَّبه عليه، ولم يتعرض لجميع شروطه وموانعه (٢)؛ لأَنَّه عَسِر؛ إذ القصد بيان اقتضاء السبب للحكم، فلو قال: اعط هذا للفقراء أَوْ نحوهم استَأْذَنَه في عدوه وفاسق، ولو قال: إلَّا أَنْ يكون أحدهم كذا وكذا عُدَّ لُكْنة وعِيًّا ... وكذا قول الطبيب: اشربه للإِسهال، فعرض له ضعف شديد أَوْ إسهال، ذكر ذلك شيخنا -يعني ابن تَيْمِيّةَ-" (٣).

ففهم الواقعة وتفسيرها أمر لا بُدَّ منه للحكم القضائي، وقد أثنى الله-عزَّ وجلّ- على سليمان -عليه السلام - لفهمه الواقعة ووجه الحكم فيها، كما في قوله -تعالى-: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: ٧٩,٧٨].


(١) تفسير القرطبي ١٥/ ١٨٠.
(٢) في الأصل: (مواثقه)، والتصويب اقتضاه السياق.
(٣) الفروع ٤/ ٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>