للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخر" (١).

٤ - ويقول ابن خلدون (ت: ٨٠٨ هـ): "إذا لم يتبين له القضاء، فإنَّ كان لغبش (٢) في الواقعة استوضحها واستجلاها بالبحث الشافي" (٣).

ويقول في موضع آخر: "إذا تصور الواقعة كالشمس ليس دونها سحاب ... فإذا وضحت له القضية جيدًا فحينئذٍ يستحضر قول الله العلي العظيم: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٨] (٤).

قال الفقهاء: لا يجوز إطلاق الفتيا في اسم مشترك إجماعًا، بل عليه التفصيل، ومَثَّلُوا له بأَنَّ المفتي إذا سئل عن جواز الأكل بعد طلوع الفجر، فلا بُدَّ أَنْ يقول: أَبَعْدَ الفجر الأول أَمْ الثاني (٥)؟

أقول: وهكذا الحكم.

فهذا كله يؤكد مكانة تفسير الواقعة في التصرف والدعوى من كلام الخصوم ودفوعهم وبيناتهم حتي يتم تهيئتها للتَّوْصِيف.


(١) إعلام الموقعين ١/ ٧٨، ٨٨، وأعاد معنى ذلك في عدد من كتبه، انظر: الطرق الحكمية ٤، ٥، وبدائع الفوائد ٣/ ١١٧، وإعلام الموقعين ٤/ ٢٠٤.
(٢) الغبش: شدة الظلمة [مقاييس اللغة ٤/ ٤٠٩]، والمراد هنا: عدم وضوح الواقعة وغموضها وحاجتها إلى البيان والتفسير.
(٣) مزيل الملام ١١٨.
(٤) المرجع السابق ١١٣.
(٥) الفروع ٦/ ٤٣٥، شرح الكوكب المنير ٤/ ٥٩٤، الكشاف ٦/ ٣٠٤، شرح المنتهى ٣/ ٤٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>