للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومراعاة هذا الأصل -أعني النظر في المآلات- عند تَوْصِيف الأَقْضِيَة بتنزيل الأحكام الكلية على الوقائع معدود من صفات أهل الرسوخ في العلم؛ يقول الشاطبي -في بيان صفة العالم الراسخ-: "إنَّه ناظر في المآلات قبل الجواب على السؤالات" (١).

فالقاضي -بل والمفتي- وهو يوصف الواقعة لا بُدَّ له من التبصر في التَّوْصِيف بأَنْ يقدر عواقب ما يقرره ناظرًا إلى أثره أَوْ آثاره، فإن لم يفعل كان عمله خطأً مضيعًا للحقوق أدخله في الشرع اعتمادًا منه على تأويل ظهر له لم يلتفت فيه إلى عواقبه ومآلاته (٢).

يقول ابن القَيمِ (ت: ٧٥١ هـ): "فالحاكم إذا لم يكن فقيه النفس في الأمارات، ودلائل الحال، ومعرفة شواهده، وفي القرائن الحالية والمقالية، كفقهه في كليات الأحكام- أضاع حقوقًا كثيرة على أَصْحَابها، وحكم بما يعلم الناس بطلانه، لا يَشُكُّون فيه اعتمادًا منه على نوع ظاهر لم يلتفت إلى باطنه وقرائن أحواله" (٣).

فعلى القاضي وهو يوصف الواقعة بتنزيل الأوصاف الكائنة في الحكم الكلي عليها أَنْ ينظر نظرًا خاصًا في الحكم الذي حدده لتطبيقه


(١) الموافقات ٤/ ٢٣٢.
(٢) الموافقات ٤/ ١٩٤، إعلام الموقعين ٣/ ٣، الطرق الحكمية ٤، فتاوى السبكي ٢/ ١٢٣، نظرية المقاصد ٣٥٢، المناهج الأصولية ٢٣٥، نظرية التعسف ١٢، ١٤، فصول في الفكر الإسلامي بالمغرب ٢١٨.
(٣) الطرق الحكمية ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>