للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الواقعة، ولا يقطع نظره عن النظر في مآل الواقعة لو طبق عليها ذلك الحكم الكلي، بل عليه مراعاة مآل الواقعة، فإن ظهر له عدم المواءمة بين الحكم الكلي ومآله على الواقعة أعاد النظر مرة أخرى في ملاقاة الحكم للواقعة، وطلب غيره مما يكون أقعد بمراعاة مآلها، أَوْ أضاف على الحكم، أَوْ حذف منه من القيود ما يحقق النظر في ذلك المآل طلبًا أَوْ منعًا.

وإن رأى المواءمة بينهما طبقه على الواقعة، وحكم وألزم، يقول الشاطبي (ت: ٧٩٠ هـ): "النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعًا كانت الأفعال موافقةً أَوْ مخالفةً، وذلك أَنَّ المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أَوْ الإحجام إلَّا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل مشروعًا لمصلحة فيه تُسْتَجْلب، أَوْ لمفسدة تُدْرَأ" (١).

إن على القاضي وهو يقوم بتنزيل الأحكام الكلية المجردة على الوقائع القضائية أَنْ يلحظ ظروف، وأحوال، وملابسات، ومآلات الواقعة، وآثارها، فيعمل على المواءمة بين مقتضيات الحكم الكلي مجردًا وبين الواقعة القضائية لاحظًا ما ذكرنا (٢).

ومن صور ذلك أَنَّ الحكم إذا كان يؤدي في مآله إلى الفتنة والفساد على الدين أَوْ الأمة فإنَّ القاضي يتوقى ذلك المآل بالقيود


(١) الموافقات ٤/ ١٩٤.
(٢) الطرق الحكمية ٤، نظرية التعسف ١٩، مصادر المعرفة ٤٢٩ - ٤٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>