للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدافعة له زيادة أَوْ نقصًا، أَوْ يَعْدِل عنه إلى تَوْصِيف وحكم آخر؛ يقول ابن تَيْمِيّهَ (ت: ٧٢٨ هـ) -في الرد على الذين أنكروا عليه الفتيا في بعض المسائل، وقرروا حبسه إذا لم يمتنع عن ذلك-: "إن هذه الأحكام مع أَنّها باطلة بالإجماع فإنَّها مثيرة للفتن، مفرقة بين قلوب الأمة، متضمنة للعدوان على المسلمين، والحكمُ بما أنزل الله فيه صلاح الدنيا والآخرة، والحكمُ بغير ما أنزل الله فيه فساد الدنيا، والآخرة، فيجب نقضه بالإجماع" (١).

ولا يعني النظر في المآلات عند الحكم والفتيا أَنَّ القاضي أَوْ المفتي يعمل استحسانه العقلي مجردًا من النُّصُوص الشرعية وأصول الشريعة، فمن فعل ذلك فهو مُتَشَهٍّ قد ردّ الناس إلى هواه، وجعل طلب غير الشريعة مبتغاه، وكان آثمًا مأزورًا غير مأجور؛ يقول ابن تَيْمِيَّة (ت: ٧٢٨ هـ): "فمن استحل أَنْ يحكم بين الناس بما يراه هو عدلًا، من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر، فإنَّه ما من أمة إلَّا وهي تأمر بالحكم بالعدل، وقد يكون العدل في دينها ما رآه أكابرها" (٢).

ويقول الجويني (ت: ٤٧٨ هـ): "من ظنَّ أَنَ الشريعة تتلقى من استصلاح العقلاء ومقتضى رأي الحكماء فقد ردَ الشريعة، واتخذ كلامه هذا إلى رد الشرائع ذريعة" (٣).


(١) مجموع الفتاوى ٢٨/ ٣٠٢.
(٢) منهاج السنة ٥/ ١٣٠، مجموعة التوحيد - الرسالة الثانية عشرة ٥٩.
(٣) الغياثي ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>