يقول ابن تَيْمِيَّةَ (ت: ٧٢٨ هـ): "لو قدر أن ناظر الوقف ووصيّ اليتيم والمضارب والشريك خانوا ثم تصرفوا مع ذلك فلا بُد من تَصْحِيح تصرفهم في حق المشتري منهم وحق رب المال، وإلَّا فلو أُبطل ذلك فسد عامة أموال الناس التي يتصرف فيها بحكم الولاية والوكالة؛ لغلبة الخيانة على الأولياء والوكلاء، لا سيما ويدخل في ذلك من تصرفات ولاة الأمور ما لا يمكن إبطاله، والشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فلا يجوز لأحد رعاية حق مجهول في عين حصل عنها بدل خير له"(١).
(ج) إبقاء الحال على ما وقعت عليه إذا ترتب على نقضها مفسدة أعظم:
كل فعل خالف الحكم الشرعي فهو مهدر؛ لأَنَّ الحكم هو عين المصلحة، لكن قد يعرض من الوقائع ما يتجاذبه احتمالانِ الدليلُ في أحدهما أظهر والاحتمال الثاني له دليل ملحوظ في الجملة، ويترتب على تَوْصِيف الواقعة بالاحتمال الأول مفسدة عظيمة عُهد من الشارع مراعاة دفعها، ويمكن درؤها يحمل الواقعة على الاحتمال الثاني وتوصيفها به، فيتعين هذا التَّوْصِيف؛ لأن ذلك وافق دليلًا في الجملة هو أولى بالإعمال بعد الوقوع.
يقول الشاطبي (ت: ٧٩٠ هـ): "فمن واقع منهيًا عنه فقد يكون فيما يترتب عليه من الأحكام زائدًا على ما ينبغي بحكم التبعية لا