كتاب توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية

المطلب الثالث الأصل الثالث مراعاة الفروق بين الوقائع والأشخاص عند التوصيف - مراعاة الفروق بين الوقائع والأشخاص عند التوصيف - ج: 2 - ص: 332

يَدُلُّ على ذلك ما رواه سعيد بن سعد بن عبادة قال: "كان في أبياتنا رويجل ضعيف، فخبث بأَمَةٍ من إمائهم، فذكر ذلك سعد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: اضربوه حَدَّه، فقالوا: يا رسول الله، إنَّه أضعف من ذلك، فقال: خذوا عثكالًا فيه مائة شمراخ، ثم اضربوه به ضربة واحدة، ففعلوا" (١).

ففي ضرب هذا الرجل بعثكال فيه مائة شمراخ بدلًا من مائة سوط مفرقة مراعاة لضعفه؛ لأَنَّه لا يطيق الجلد بالسوط مفرقًا، كما يضرب غيره من الأَصِحَّاء (٢)؛ لقوله -تعالى-: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢].

كما يَدُلُّ على مراعاة خصوصيات الأشخاص والأعيان ما رواه أبو ذر أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا أبا ذر، إني أراك ضعيفًا، وإني أحبُّ لك ما أحبُّ لنفسي، لا تَأَمَّرنَّ على اثنين، ولا تَوَلَّينَّ مال يتيم" (٣)، فقد خص النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا ذر - رضي الله عنه - بهذا الحكم،

---

(١) رواه أحمد (الفتح الرباني ١٦/ ٩٩)، وهو برقم ٢٥٣ وابن ماجه ٢/ ٨٩، وهو برقم ٢٦٠٢، والنسائي في السنن الكبرى ٤/ ٣١١، ٣١٣، وهو برقم ١/ ٧٣٠٩، وفي النسائي طرق أخرى مرسلة عن أبي أمامة بن سهل، كما رواه أبو داود عن بعض أَصْحَاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٤/ ١٦١)، وهو برقم ٤٤٧٢، وقال ابن حجر في بلوغ المرام ٢١٤: "وإسناده حسن، ولكن اختلف في وصله وإرساله".
(٢) نيل الأوطار ٧/ ١٣٠، سبل السلام ٤/ ٢٦.
(٣) رواه مسلم (٣/ ١٤٥٧)، وهو برقم ١٨٢٦.