ودليله: عن عائشة- رضي الله عنها- أَنّها قالت:"اختصم سعد بن أبي وقاص وعَبْدُ بن زمعة في غلام، فقال سعد: هذا يا رسول الله ابن أخي عتبة ابن أبي وقاص عهد إليَّ أَنَّه ابنه، انظر إلى شبهه، وقال عبد بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله، ولد على فراش أبي، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى شبهه، فرأى شَبَهًا بَيِّنًا بعتبة، فقال: هو لك يا عَبْدُ، الولد للفراش، وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة"(١).
فقد أثبت النبي - صلى الله عليه وسلم - نسبه لعتبة بن زمعة، فيثبت بذلك ميراثه والتحريم بين محارمه، وأمر سودة بالاحتجاب منه، فلا ينظر إليها، ولا يخلو بها، فجعل لهذه الواقعة توصيفين من جهتين، فجزأ التَّوْصِيف، وأعطى كل تَوْصِيف أثره.
قال ابن القَيِّمِ (ت: ٧٥١ هـ): "وأَمَّا أمره سودة وهي أخته بالاحتجاب منه فهذا يَدُلُّ على أصل، وهو تبعيض أحكام النسب، فيكون أخاها في التحريم والميراث وغيره، ولا يكون أخاها في المحرمية والخلوة والنظر إليها؛ لمعارضة الشبه للفراش، فأعطى الفراش حكمه من ثبوت الحرمة وغيرها، وأعطى الشبه حكمه من ثبوت المحرمية لسودة، وهذا باب من دقيق العلم وسره لا يلحظه إلَّا الأئمة المطلعون على أغواره، المَغنِيُّون بالنظر في مآخذ الشرع
(١) متفق عليه، فقد رواه البخاري (الفتح ٥/ ١٦٣، ١٢/ ٣٢)، وهو برقم ٢٥٣٣، ورقم ٦٧٤٩، ومسلم واللفظ له (٢/ ١٠٨٠)، وهو برقم ٣٦/ ١٤٥٧.