حمدان بن مالك القطيعيّ، حدّثنا العبّاس بن يوسف الشكلي، حدثني سعيد بن عثمان قال: كنا عند محمّد بن منصور الطّوسيّ يوما وعنده جماعة من أصحاب الحديث، وجماعة من الزهاد، وكان ذلك اليوم يوم الخميس. فسمعته يقول: صمت يوما وقلت لا آكل إلا حلالا، فمضى يومي ولم أجد شيئا فواصلت اليوم الثاني، والثالث، والرابع، حتى إذا كان عند الفطر قلت: لأجعل فطري الليلة عند من يزكى الله طعامه، فصرت إلى معروف الكرخي فسلمت عليه وقعدت حتى صلى المغرب وخرج من كان معه في المسجد فما بقي إلا أنا وهو ورجل آخر، فالتفت إلىّ فقال:
يا طوسي؟ قلت: لبيك فقال لي تحول إلى أخيك فتعش معه، فقلت في نفسي صمت أربعة وأفطر على ما لا أعلم. فقلت: ما بي من عشاء، فتركني ثم رد عليّ القول فقلت: ما بي من عشاء ثم فعل ذلك الثالثة فقلت ما بي من عشاء، فسكت عني ساعة ثم قال لي تقدم إلىّ فتحاملت وما بي من تحامل من شدة الضعف، فقعدت عن يساره فأخذ كفي اليمنى فأدخلها إلى كمه الأيسر فأخذت من كمه سفرجلة معضوضة، فأكلتها فوجدت فيها طعم كل طعام طيب، واستغنيت بها عن الماء. قال:
فسأله رجل معنا حاضرا: أنت يا أبا جعفر؟ قال: نعم وأزيدك أني ما أكلت منذ ذلك حلوا ولا غيره إلا أصبت فيه طعم تلك السفرجلة. ثم التفت محمّد بن منصور إلى أصحابه فقال: أنشدكم الله إن حدثتم بهذا عني وأنا حي.
وأخبرنا الحسن بن عثمان، أخبرنا ابن مالك القطيعيّ، حدّثنا العبّاس بن يوسف، حدثني سعيد بن عثمان قال: سمعت محمّد بن منصور يقول: مضيت يوما إلى معروف الكرخي ثم عدت إليه من غد، فرأيت في وجهه أثر شجة، فهبت أن أسأله عنها وكان عنده رجل أجرأ عليه مني، فقال له: يا أبا محمّد كنا عندك البارحة ومعنا محمّد بن منصور فلم نر في وجهك هذا الأثر، فقال له معروف: خذ في ما ننتفع به، فقال له: أسألك بحق الله قال: فانتقض معروف ثم قال له: ويحك وما حاجتك إلى هذا؟ مضيت البارحة إلى بيت الله الحرام ثم صرت إلى زمزم فشربت منها فزلت رجلي فبطح وجهي للباب، فهذا الذي ترى من ذلك.
أخبرني الأزهري، حدّثنا عثمان بن عمرو الإمام، حدّثنا محمّد بن مخلد، حدّثنا عبيد الله بن محمّد الزّيّات قال: حدثني أبو شعيب صاحب معروف الكرخي قال:
جاء رجل يوما إلى معروف فقال له أشتهي مصلية، فخرج إلى البقال فأجلسه مكانه،