مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن زيد قال: كان
أذان رسول الله شفعا شفعا في الأذان والإقامة؛ وبما رواه أبو داود وابن
ماجه من حديث ابن محيريز؛ وقد مرّ بيانه، وقال فيه النسائي: ثم عدها
أبو محذورة تسع عشرة كلمةً وسبع عشر كلمةً، وقال الترمذي: حديث
حسن صحيح. ورواه ابن خزيمة في " صحيحه " ولفظه: " فعلمه الأذان
والإقامة مثنى مثنى ". وكذلك رواه ابن حبان في " صحيحه ". واعترض
البيهقي (١) فقال: وهذا الحديث عندي غير محفوظ لوجوه؛ أحدها: أن
مسلما لم يخرجه؛ ولو كان محفوظا لم يتركه مسلم؛ لأن هذا الحديث
قد رواه هشام الدستوائي، عن عامر الأحول دون ذكر الإقامة كما أخرجه
مسلم في " صحيحه "، والثاني: أن أبا محذورة قد رُوِيَ عنه خلافه،
والثالث: أن هذا الخبر لم يدم عليه أبو محذورة ولا أولاده، ولو كان
هذا حكما ثابتَا لما فعلوا بخلافه. وأجاب الشيخ في " الإمام " بأن عدم
تخريج مسلم إياه لا يدل على عدم صحته؛ لأنه لم يلتزم إخراج كل
الصحيح، وعن الثاني: أن تعبين العدد بتسعة عشر وسبعة عشر ينفىِ
الغلط في العدد؛ بخلاف غيره من الروايات؛ لأنه قد يقع فيها اختلاف
وإسقاط- وأيضا- قد وُجدت متابعة لهمام في روايته عن عامر كما
أخرجه الطبراني عن سعيد بن أبي عروبة، عن عامر بن عبد الواحد،
عن مكحول، عن عبد الله بن محيريز، عن أبي محذورة قال: " علمني
رسول الله الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة "، وعن
الثالث: أن هذا داخل في باب الترجيح لأن باب التضعيف؛ لأن عمدة
التصحيح: عدالة الراوي؛ وترك العمل بالحديث لوجود ما هو أرجح منه
لا يلزم منه ضَعفُه، ألا ترى أن الأحاديث المنسوخة يحكم بصحتها إذا
كانت/رواتها عدولاً، ولا يُعمل بها لوجود الناسخ، وإذا آل الأمرُ إلى
الترجيح فقد يختلف الناسُ فيه ". قلت: " وله طريق آخر عند أبي داود
أخرجه عن ابن جريج، عن عثمان بن السائب؛ وفيه: " وعلمني الإقامةَ
(١) لعل هذا الاعتراض ملتقط من السنن الكبرى (١/٤١٧) وما بعدها.