للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى إذا قُضيَ التثويبُ أقيل، حتى بَخطُرَ بين المَرء ونَفسه ويَقول: اذكر كذا،

اذكر كذا، لِمَا لم يكن يَذكُرُ، حتى يَظل (١) الرجل إِن يَدرَي كم صَلَّى " (٢) .

ش- عبد الله بن مسلمة القعنبي، ومالك: ابن أنس، وأبو الزناد:

عَبد الله، وعبد الرحمن الأعرج.

قوله: " إذا نودي بالصلاة " أي: إذا أذن بها.

قوله: " أدبر الشيطان وله ضراط " الإدبار: نقيض الإقبال؛ يقال: دَبَر

وأدبر إذا وَلّى؛ والواو في " وله ضراط " للحال. وفي رواية البخاري

ومسلم بدون الواو؛ والجملة الاسمية تقع حالا بلا واو- أيضًا- كما في

قوله: كلمته فوُه إلى فيَّ. وفي رواية مسلم: " وله حصَاص ".

فإن قيل: ما حقيقة هذا الكلام؟ قلت: هذا تمثيل لحال الشيطان عند

هروبه من سماع الأذان بحال مَن حزقه- أمر عظيم، واعتراه خطب

جسيم، حتى لم يزل يحصل له الضُّراط من شدة ما هو فيها؛ لأن الواقع

في شدة عظيمة من خوف وغيره تسترخي مفاصله، ولا يقدر على أن يملك

نفسه فينفتح منه مخرج البول والغائط؛ ولما كان الشيطان- عليه اللعنة-

تعتريه شدة عظيمة وداهية جسيمة عند النداء إلى الصلاة، فيَهرب حتى لا

يسمع الأذان، شبه حاله بحال ذلك الرجل، وأثبت له على وجه الادعاء

الضراط الذي يَنشا من كمال الخوف الشديد؛ وفي الحقيقة: ما ثم

ضراط، ويحوز أن يكون له ريح لأنه روح، ولكن لم نعرف كيفيته (٣) .

فإن قيل: ما الحكمة أن الشيطان يهرب من الأذان ولا يَهرب من قراءة


(١) في سنن أبي داود: " يضل " وهى رواية كما سيذكر المصنف.
(٢) البخاري: كتاب الأذان، باب: فضل التأذين (٦، ٨) ، مسلم: كتاب
الصلاة، باب: استحباب رفع اليدين حذو المنكبين مع تكبيرة الإحرام
والركوع، وفي الرفع من الركوع، وأنه لا يفعله إذا رفع من السجود
(١٩/٣٨٩) ، النسائي: كتاب الأذان، باب: فضل التأذين (٢/٢١) .
(٣) بل الظاهر أنه ضراط على وجه الحقيقة، كما قال القاضي عياض وغيره،
وانظر الفتح (٢/٨٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>