فإن قيل: أليس قد جُمع بين الحقيقة والجاز في قوله " ويَشهدُ له " لأن
الشهادة حقيقة في حق الإنس والجن، مجاز في حق غيرهما من الأشياء
الرطبة واليابسة؟ قلت: قد عرفتَ أن مَعنى الشهادة كونه مشتهرا بينهم
بالفضل حتى إن كل من شهده عرفه أنه إنما حصل له هذا من أذانه في
الدنيا، فإذن لا شهادة لا حقيقة ولا مجازا.
قوله: " وشاهدُ الصلاة " مبتدأ وخبرُه: " يكتبُ له " والمعنى: حاضِرُ
الصلاة مع الجماعة يكتبُ له أجرُ خمسٍ وَعِشرين صلاةً.
فإن قيل: ما الحكمة في تعبين الخمس والعشرين؟ قلت: الذي ظهر
لي في هذا المقام من الأنوار الإلهية، والأَسرار الربانية، والعنايات
المحمديّة: أن كل حسَنة بعشر أمثالها بالنّص، وأنه لو صلى في بَيته كان
يَحصل له ثواب عشر صلوات، وكذا لو صلى في سُوقه كان يحصل له
ثواب عشر صلوات، كل صلاة بعشرِ، ثم إنه لو صلى بالجماعة يحصل
له ما كان يحصل له/من الصلاة في بَيته وفي سوقه، ويُضاعف له مثله،
فيصير ثواب عشرين صلاةً. وأما زيادة الخمسة؛ فلكونه أدى فرضا من
الفروض الخمسة، فأنعم الله عليه ثواب خمس صلوات أخرى نطير عدد
الفروض الخمسة، زيادة على العشرين، إنعاما وفضلا منه عليه، فيصير
الجملة خمسةً وعشرين. وجواب آخر: أن مراتب الأعداد: آحاد
وعشرات ومئات وألوف: والمائة من الأوساط، وخير الأمور: أوساطها،
والخمسة والعشرون ربع المائة، وللربع حكم الكل.
قوله: " ويكفر عنه ما بَينهما " أي: ما بَين الصلاتين؛ بَين الصلاة التي
صلاّها وبين الصلاة التي تليها؛ والمعنى: تكفر ذنوبه التي ما بينهما غير
الكبائر. والحديث: أخرجه النسائي، وابن ماجه.
٤٩٨- ص- نا القعنبي، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن
أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا نُوديَ بالصلاة أدبرَ الشيطانُ وله ضُراطٌ
حتى لا يَسمعَ التَأذينَ، فإذا قُضِيَ النداءُ أَقبل، حتىَ إذا ثُوِّبَ بالصلاةِ أدبَرَ،