للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: " إلى تَسْبيح الضحى، أي: صلاة الضحى، ويطلق التسبيح على الصلاة النافلة لوجود معنى النفل في كل منهما.

قوله: " لا ينصِبه إلا إياه " يعني: لا يُزعجه ولا يُتْعبُه إلا ذلك , وأصله من النَصَب، وهو مُعاناة المشقة، يُقال: أنْصبني هذا الأمرُ، وهو أمر مُنْصِب، ويُقال: أمر ناصب أي: ذو نَصَبٍ، وقوله: لا إياها وقع موقع الضمير المرفوع، والمعنَى: إلا هُو.

قوله: " وصلاة على إثر صلاة " أي: صلاة عقيب صلاة، والأثر- بفتح الهمزة والثاء، وبكسر الَهمزة وسكون الثاء- كلاهما بمعنى. وارتفاع " صلاة " على أنه مبتدأ، ولا يقال: إنه نكرة، لأنها تخصصت بقوله: " على إثر صلاةٍ " وخبره: قوله: " كتاب في عليين ".

قوله: " لا لغو بينهما " أي: بين الصلاتين، واللَّغْوُ: الباطلُ، من لغة الإنسانُ يَلغو، ولغا يلغي ولغي يلغا إذا تكلّم بالمُطرح من القول وما لا يَعْني، ويجوز أن تكون " لا " لنفي الجنس، ويكون " لغوَ " مبنيا على الفتح، نحو: لا رجلَ في الدار، ويجوز أن تكون بمعنى " ليس "، ويكون " لغو " مرفوعا على أنه اسم " ليس " وخبره: قوله: " بينهما". فإن قلت: ما موقع هذه الجملة؟ قلت: وقعت في المعنى صفة كاشفة للصلاة، لأن الصلاة التي تكتب في عليين موصوفة بشيئين، الأول: أن تكون مكتنفة بصلاة أخرى، والثاني: أن لا يكون بينهما لغو وأباطيل من الكذب والغيبة والنميمة ونحو ذلك.

قوله: " كتاب في عليين " أي: مكتوب فيها كالحساب بمعنى المحسوب، قال الله تعالى: " كلا إن كتَابَ الأبْرَارِ (١) لَفِي علَيينَ * وما أدراك ما عليون * كتاب مرقوم " (٢) وعليّون جمع، واحدة: علي، مشتق من الَعُلو، وهو للمبالغة، ويُقال: جُمعَت كجمع الرجالَ إذ لا واحد لها ولا تثنية. وقال الفراء: اسم موضع عَلى صيغته كعشرين وثلاثة. وقال


-
(١) في الأصل: "الأبرار"
(٢) سورة المطففين (١٨- ٢٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>