للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفضيلة، والوجه الآخر: أنه منسوخ، لأن حديث جابر بن يزيد (١) متأخر، لأن في قصته أنه شهد مع رسول الله حجة الوداع، ثم ذكر الحديث، وفي قوله: "فإنها نافلة، دليل على أن صلاة التطوع جائزة بعد الفجر قبل طلوع الشمس إذا كان لها سبب، وحجة أصحابنا: قول ابن عباس- رضي الله عنه-: " شهد عندي رجال مرضيون، وأرضاهم عندي عُمر أن النبي- علي (٢) السلام- نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغرب "، وهذا بعمومه يتناولُ الصورة التي فيها النزاع. وقد روي عن أبي طلحة أن المراد بذلك كل صلاةِ. وعن ابن حزم: إن قوماً لم يروا الصلاة في هذه الأوقات كلها. وقال ابن بطال: تواترت الأحاديث عن النبي- عليه السلام- أنه نهى عن الصلاة بعد الصبح وبعد العَصْر.

والجواب عما قال الخطابي: أما قوله: " إن ذلك على معنى إنشاء الصلاة ابتداء من غير سبب " فغير مسلم، لأن هذا تخصيص من غير مخصصِ، فنهاية ما في الباب أنهم احتجوا بأنه- عليه السلام- قضى سنة الظهر بعد العَصْر، وقاسوا عليها كل صلاة لها سبب، حتى قال النووي: هو عمدة أصحابنا في المسألة وليس لهم أصح دلالة منه. ولكن يخدشه ما ذكره الماوردي منهم وغيره من أن ذلك من خصوصياته صلى الله عليه وسلم. وقال الخطابي- أيضاً-: كان النبي- عليه السلام- مخصوصاً بهذا دون الخلق. وقال ابن عقيل: لا وجه له إلا هذا الوجه. وقال الطبري: فعل ذلك تنبيهاً لأمته أن نهيه كان على وجه الكراهة لا التحريم.

وأما قوله: " إنه منسوخ " فغير صحيح، لأن عمر- رضي الله عنه-

ما بَرح مع النبي- عليه السلام- إلى أن توفي، ولو كان منسوخا لعمل بناسخه مع أنه كان يضرب على الركعتين بعد العصر بمحضر من الصحابة من غير نكيرِ، فدل هذا على أن النهي ليس بمنسوخ، وأن الركعتين بعد


-
(١) في الأصل: " جابر يزيد بن " كذا.
(٢) مكررة في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>