- عليه السلام-. ذكر ذلك أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني في كتاب
لا فضائل الخلفاء "، وكذا ذكره أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني المقرئ،
فقد اجتمع فيه جميع ما قاله رسول الله في هذا الحديث. وفي حديث
مسلم- أيضاً الذي أخرجه عن (١) أبي مسعود البدري ولفظه: " يؤمُ
القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم
بالسُّنَّة، فإن كانوا في السُنَة سواء فأقدمهم هجرةً، فإن كانوا في الهجرة
سواء فأقدمهم سنا". وأخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه- أيضاً
وكذا أبو داود في رواية لما نذكره إن شاء الله تعالى. وأجاب أبو حنيفة
ومن معه عن الحديث: أن الأقرأ من الصحابة كان هو الأفقه. لكن
يُشكل على هذا قوله: د " فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسُّنَّة لما فإن
هذا دليل على تقديم الأقرإ مطلقاً. وقد نسب الشيخ محيي الدين مذهب
أبي يوسف إلى أبي حنيفة في " شرح مسلم " وليس كذلك، بل مذهب
أبي حنيفة هاهنا: أن الأفقه مقدم- كما ذكرنا- كما هو مذهب الشافعي.
قوله: " فإن كانوا في القراءة سواءً " أي: مُتساويين؛ تقول: هما في
هذا الأمر سواءٌ، وإن شئت: سواءان، وهم سَواءٌ للجمع، وهم
أسْواء، وهم سَوَاسيةٌ، أي: أشباه، مثل ثمانية على غير قياس.
قوله: " أقدمهم هجرةً " الهجرة في الأصل: الاسم من الهجر ضد
الوصل، وقد هجره هجرا وهجراناً، ثم غلب على الخروج من أرض [١/١٩٩-ب] ، إلى أرض، وترك الأولى للثانية / تقول منه: هاجر مهاجرة. وقال الخطابيّ: الهجرة قد انقطعت اليوم إلا أن فضيلتها موروثة، فمن كان من
أولاد المهاجرين أو كان في آبائه وأسلافه من له قدم أو سابقة في الإسلام أو
كان آباؤه أقدم إسلاماً، فهو مقدم على من لا يعدّ لآبائه سابقة أو كانوا
قريبي العهد بالإسلام، فإذا كانوا متساويين في هذه الخلال الثلاث فأكبرهم
سنا مقدم على من هو أصغر سنا لفضِيلة السن ولأنه إذا تقدم أصحابَه في
(١) في الأصل: "من".